التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَمۡ لَكُمۡ كِتَٰبٞ فِيهِ تَدۡرُسُونَ} (37)

ثم انتقل - سبحانه - من توبيخهم على جهلهم ، إلى توبيخهم على كذبهم فقال : { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ . إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُون } .

و { أم } هنا وما بعدها للإضراب الانتقالى ، وهى بمعنى بل ، والضمير فى قوله { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ { فِيهِ } يعود على الكتاب .

وقوله : { تَدْرُسُونَ } أى : تقرأون بعناية وتفكير .

وقوله : { تَخَيَّرُون } أصله : تتخيرون . والتخير : تطلب ما هو خير . يقال : فلان تخير الشئ واختاره ، إذا أخذ خيره وجيده .

أى : بل ألكم - أيها المشركون - كتاب قرأتم فيه بفهم وتدبر المساواة بين المتقين والمجرمين ، وأخذتم منه ما اخترتموه من أحكام ؟ إنه لا يوجد كتاب سماوى ، أو غير سماوى ، يوافقكم على التسوية بين المتقين والمجرمين . وأنتم إنما تصدرون أحكاما كاذبة . ما أنزل الله بها من سلطان .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَمۡ لَكُمۡ كِتَٰبٞ فِيهِ تَدۡرُسُونَ} (37)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ } .

يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريش : ألكم أيها القوم بتسويتكم بين المسلمين والمجرمين في كرامة الله كتاب نزل من عند الله أتاكم به رسول من رسله بأن لكم ما تَخَيّرون ، فأنتم تدرسون فيه ما تقولون . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : أمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ قال : فيه الذي تقولون تقرؤونه : تدرسونه ، وقرأ : أمْ آتَيْناهُمْ كِتابا فَهُمْ على بَيّنَةٍ مِنْهُ . . . إلى آخر الاَية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ لَكُمۡ كِتَٰبٞ فِيهِ تَدۡرُسُونَ} (37)

أم لكم كتاب من السماء فيه تدرسون تقرأون .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَمۡ لَكُمۡ كِتَٰبٞ فِيهِ تَدۡرُسُونَ} (37)

إضراب انتقال من توبيخ إلى احتجاج على كذبهم .

والاستفهام المقدر مع { أم } إنكار لأن يكون لهم كتاب إنكاراً مبنياً على الفرض وإن كانوا لم يدّعوه .

وحاصل هذا الانتقال والانتقالات الثلاثة بعده وهي { أم لكم أيمان علينا } [ القلم : 39 ] الخ ، { سلهم أيهم بذلك زعيم } [ القلم : 40 ] { أم لهم شركاء } [ القلم : 41 ] الخ أن حكمكم هذا لا يخلو من أن يكون سنده كتاباً سماوياً نزل من لدنا ، وإما أن يكون سنده عَهْداً منا بأنا نعطيكم ما تقترحون ، وإما أن يكون لكم كفيل علينا ، وأما أن يكون تعويلاً على نصر شركائكم .

وتقديم { لكم } على المبتدأ وهو { كِتاب } لأن المبتدأ نكرة وتنكيره مقصود للنوعية فكان تقديم الخبر لازماً .

وضمير { فيه } عائد إلى الحكم المفاد من قوله : { كيف تحكمون } [ القلم : 36 ] ، أي كتاب في الحكم .

و ( في ) للتعليل أو الظرفية المجازية كما تقول ورد كتاب في الأمر بكذا أو في النهي عن كذا فيكون { فيه } ظرفاً مستقراً صفة ل { كتاب . } ويجوز أن يكون الضمير عائداً إلى { كتاب } ويتعلق المجرور بفعل { تدرسون } جعلت الدراسة العميقة بمزيد التبصر في ما يتضمنه الكتاب بمنزلة الشيء المظروف في الكتاب كما تقول : لنا درس في كتاب سيبويه .

وفي هذا إدماج بالتعريض بأنهم أمِّيُّون ليسوا أهل كتاب وأنهم لما جاءَهم كتاب لهديهم وإلحاقهم بالأمم ذات الكتاب كفروا نعمته وكذبوه قال تعالى : { لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون } [ الأنبياء : 10 ] وقال : { أو تقولوا لَوْ أنا أُنزل علينا الكتاب لكُنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربّكم وهدى ورحمة } [ الأنعام : 157 ] .