مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ} (19)

قوله تعالى : { مرج البحرين يلتقيان ، بينهما برزخ لا يبغيان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان } وفيه مسائل :

المسألة الأولى : في تعلق الآية بما قبلها فنقول : لما ذكر تعالى المشرق والمغرب وهما حركتان في الفلك ناسب ذلك ذكر البحرين لأن الشمس والقمر يجريان في الفلك كما يجري الإنسان في البحر قال تعالى : { وكل في فلك يسبحون } فذكر البحرين عقيب المشرقين والمغربين ولأن المشرقين والمغربين فيهما إشارة إلى البحر لانحصار البر والبحر بين المشرق والمغرب ، لكن البر كان مذكورا بقوله تعالى : { والأرض وضعها } فذكر هاهنا ما لم يكن مذكورا .

المسألة الثانية : مرج ، إذا كان متعديا كان بمعنى خلط أو ما يقرب منه فكيف قال تعالى : { من مارج من نار } ولم يقل : من ممروج ؟ نقول : مرج متعد ومرج بكسر الراء لازم فالمارج والمريج من مرج يمرج كفرح يفرح ، والأصل في فعل أن يكون غريزيا والأصل في الغريزي أن يكون لازما ، ويثبت له حكم الغريزي ، وكذلك فعل في كثير من المواضع .

المسألة الثالثة : في البحرين وجوه ( أحدها ) بحر السماء وبحر الأرض ( ثانيها ) البحر الحلو والبحر المالح كما قال تعالى : { وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج } وهو أصح وأظهر من الأول ( ثالثها ) ما ذكر في المشرقين وفي قوله : { تكذبان } إنه إشارة إلى النوعين الحاصرين فدخل فيه بحر السماء وبحر الأرض والبحر العذب والبحر المالح ، ( رابعها ) أنه تعالى خلق في الأرض بحارا تحيط بها الأرض وببعض جزائرها يحيط الماء وخلق بحرا محيطا بالأرض وعليه الأرض وأحاط به الهواء كما قال به أصحاب علم الهيئة وورد به أخبار مشهورة ، وهذه البحار التي في الأرض لها اتصال بالبحر المحيط ، ثم إنهما لا يبغيان على الأرض ولا يغطيانها بفضل الله تعالى لتكون الأرض بارزة يتخذها الإنسان مكانا وعند النظر إلى أمر الأرض يحار الطبيعي ويتلجلج في الكلام ، فإن عندهم موضع الأرض بطبعه أن يكون في المركز ويكون الماء محيطا بجميع جوانبه ، فإذا قيل لهم : فكيف ظهرت الأرض من الماء ولم ترسب يقولون لانجذاب البحار إلى بعض جوانبها ، فإن قيل : لماذا انجذب ؟ فالذي يكون عنده قليل من العقل يرجع إلى الحق ويجعله بإرادة الله تعالى ومشيئته ، والذي يكون عديم العقل يجعل سببه من الكواكب وأوضاعها واختلاف مقابلاتها ، وينقطع في كل مقام مرة بعد أخرى ، وفي آخر الأمر إذا قيل له : أوضاع الكواكب لم اختلفت على الوجه الذي أوجب البرد في بعض الأرض دون بعض آخر صار كما قال تعالى : { فبهت الذي كفر } ويرجع إلى الحق إن هداه الله تعالى .

المسألة الرابعة : إذا كان المرج بمعنى الخلط فما الفائدة في قوله تعالى : { يلتقيان } ؟ نقول قوله تعالى : { مرج البحرين } أي أرسل بعضهما في بعض وهما عند الإرسال بحيث يلتقيان أو من شأنهما الاختلاط والالتقاء ولكن الله تعالى منعهما عما في طبعهما ، وعلى هذا يلتقيان حال من البحرين ، ويحتمل أن يقال : من محذوف تقديره تركهما فهما يلتقيان إلى الآن ولا يمتزجان وعلى ( الأول ) فالفائدة إظهار القدرة في النفع فإنه إذا أرسل الماءين بعضهما على بعض وفي طبعهما بخلق الله وعادته السيلان والالتقاء ويمنعهما البرزخ الذي هو قدرة الله أو بقدرة الله ، يكون أدل على القدرة مما إذا لم يكونا على حال يلتقيان ، وفيه إشارة إلى مسألة حكمية وهي : أن الحكماء اتفقوا على أن الماء له حيز واحد بعضه ينجذب إلى بعض كأجزاء الزئبق غير أن عند الحكماء المحققين ذلك بإجراء الله تعالى ذلك عليه وعند من يدعي الحكمة ولم يوفقه الله من الطبيعيين يقول : ذلك له بطبعه ، فقوله : { يلتقيان } أي من شأنهما أن يكون مكانهما واحدا ، ثم إنهما بقيا في مكان متميزين فذلك برهان القدرة والاختيار وعلى ( الوجه الثاني ) الفائدة في بيان القدرة أيضا على المنع من الاختلاط ، فإن الماءين إذا تلاقيا لا يمتزجان في الحال بل يبقيان زمانا يسيرا كالماء المسخن إذا غمس إناء مملوء منه في ماء بارد إن لم يمكث فيه زمانا لا يمتزج بالبارد ، لكن إذا دام مجاورتهما فلا بد من الامتزاج فقال تعالى : { مرج البحرين } خلاهما ذهابا إلى أن يلتقيان ولا يمتزجان فذلك بقدرة الله تعالى .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ} (19)

مرج البحرين أرسلهما من مرجت الدابة إذا أرسلتها والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب يلتقيان يتجاوران ويتماس سطوحهما أو بحري فارس والروم يلتقيان في المحيط لأنهما خليجان يتشعبان منه .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ} (19)

قوله جل ذكره : { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ } .

{ بَرْزَخٌ } أي حاجز بقدرته لئلا يغلب أحدهما الآخر ، أراد به البحر العذب والبحر الملح . ويقال : لا يبغيان على الناس ولا يغرقانهم .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ} (19)

{ مرج البحرين يلتقيان . . . } أرسل الله المياه العذبة والملحة في مجاريها أنهارا وبحارا على سطح الأرض ، متجاورة متصلة الأطراف ، ومع ذلك لم تختلط ؛ لاقتضاء حكمته تعالى إقامة حواجز بينهما من أجرام الأرض تمنعها من الاختلاط ، ولولاها لبغى أحد النوعين على الآخر ؛ فبقي العذب على عذبته ، والملح على ملوحته ؛ لينتفع بكل منهما فيما خلق لأجله .

ومن بدائع الصنعة ودلائل القدرة : إبقاء الأنهار والبحار الهائلة المحيطة في مجاريها على سطح الأرض على ما نشاهده مع كرويتها ، وإمساكها عن الطغيان على اليابس وهو دونها بكثير ؛ وإلا لغرق الناس ،

وفني العالم ، والله على كل شيء قدير ؟ و " مرج " أرسل ؛ من مرج الدابة – من باب نصر - : أرسلها ترعى من المرج . " يلتقيان " يتجاوران . أو تلتقي أطرافهما . " برزخ " حاجز من أجرام الأرض ؛ وذلك بقدرته تعالى . " لا يبغيان " لا يطغى أحدهما على الآخر بالممازجة . أولا يتجاوزان حديهما بإغراق ما بينهما .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ} (19)

مرجَ البحرين : أرسلهما وأجراهما .

يلتقيان : يتجاوران .

ثم ذكر نعمه تعالى على عبادِه في البحر وما فيه من فوائدَ وخيرات فقال :

{ مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ }

أرسل البحرَ المالحَ والبحرَ العذب متجاورَين متلاقيين لا يبغي أحدُهما على الآخر .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ} (19)

{ مَرَجَ البحرين } أي أرسلهما وأجراهما من مرجت الدابة في المرعى أرسلتها فيه ، والمعنى أرسل البحر الملح والبحر العذب { يَلْتَقِيَانِ } أي يتجاوران وتتماس سطوحهما لا فصل بينهما في مرأى العين ، وقيل : أرسل بحري فارس والروم يتلقيان في المحيط لأنهما خليجان ينشعبان منه ، وروى هذا عن قتادة لكنه أورد عليه أنه لا يوافق قوله تعالى : { مَرَجَ البحرين هذا عَذْبٌ فُرَاتٌ وهذا مِلْحٌ أُجَاجٌ } [ الفرقان : 53 ] والقرآن يفسر بعضه بعضاً ، وعليه قيل : جملة { يَلْتَقِيَانِ } حال مقدرة إن كان المراد إرسالهما إلى المحيط ، أو المعنى اتحاد أصليهما إن كان المراد إرسالهما إليه .

هذا ومن باب الإشارة : { مَرَجَ البحرين } بحر سماء القوى العلوية وبحر أرض القوى السفلية { يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ } [ الرحمن : 19 ، 20 ] حاجز القلب

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ} (19)

شرح الكلمات :

{ مرج البحرين يلتقيان } : أي أرسل البحرين العذب والملح يلتقيان في رأي العين .

/د19

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ يَلۡتَقِيَانِ} (19)

{ 19-21 } { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

المراد بالبحرين : البحر العذب ، والبحر المالح ، فهما يلتقيان كلاهما ، فيصب العذب في البحر المالح ، ويختلطان ويمتزجان .