قوله تعالى : { مَرَجَ البحرين } أي : خلَّى وأرسل وأهمل ، يقال : مرج الناس السلطان ، أي : أهملهم ، وأصل المَرْج الإهمال كما تمرج الدَّابة في المَرْعى ويقال : مرج خلط .
وقال الأخفش : ويقول قوم : أمرج البحرين مثل «مرج » فيكون «فَعَلَ وأفْعَلَ » بمعنى{[54401]} .
و«البَحْرين » : قال ابن عباس رضي الله عنهما : بحر السماء ، وبحر الأرض{[54402]} .
قال سعيد بن جبير : يلتقيان في كل عام{[54403]} .
وقال الحسن وقتادة : بحر «فارس » و«الروم »{[54404]} .
وقال ابن جريج : البحر المالح ، والأنهار العذبة .
وقيل : بحر المشرق ، وبحر المغرب يلتقي طرفاهما .
قوله : «يلتقيان » حال من «البَحريْنِ » وهي قريبة من الحال المقدرة ، ويجوز بتجوّز أن تكون مقارنة .
و«بَينهُمَا بَرزخٌ » يجوز أن تكون جملة مستأنفة ، وأن تكون حالاً ، وأن يكون الظَّرف وحده هو الحال ، و«البَرْزَخُ » فاعل به ، وهو أحسن لقربه من المفرد .
والثاني : هو فاعل «يَلْتقيان » .
و«لا يَبْغِيَان » حال أخرى كالتي قبلها ، أي : مرجهُمَا غير باغيين أو يلتقيان غير باغِيين ، أو بينهما برزخٌ في حال عدم بغيهما ، وهذه الحال في قوة التعليل ، إذ المعنى : «لئلاَّ يَبْغِيانِ » .
وقد تمحّل بعضهم ، وقال : أصل ذلك لئلا يبغيا ثم حذف حرف العلة ، وهو مطّرد مع «أن » و«إن » ، ثم حذفت «أن » أيضاً ، وهو حذف مطرد ، كقوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ } [ الروم : 24 ] ، فلما حذفت «أن » ارتفع الفعل ، وهذا غير ممنوع ، إلا أنه تكرر فيه الحذف .
وله أن يقول : قد جاء الحذف أكثر من ذلك فيما هو أخفى من هذا ، كما سيأتي في قوله : { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ } [ الواقعة : 82 ] .
فصل في مناسبة هذه الآية لما قبلها
لما ذكر الشمس والقمر ، وهما يجريان في الفلك كما يجري الفلك في البحر ، كقوله : { كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } [ الأنبياء : 33 ] ، فذكر البحرين عقيب المشرقين والمغربين ، أو لأن المشرقين والمغربين يكونان في البر والبحر ، فذكر البحر بعد ذكر البر ؛ لانحصار البر والبحر بين المشرق والغرب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.