فمنّ الله علينا : فتفضل علينا كرما منه .
السموم : النار الشديدة الحرارة ، وسميت سموما لأنها تخترق مسام الجلد .
27- { فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ } .
فتفضل الله علينا بمنّه ورحمته ، لقد وفقنا للطاعات في الدنيا تفضّل علينا بدخول الجنة ، وحفظنا من عذاب السموم ، وهو عذاب النار الذي يتسلل إلى مسام الجسم .
وهذا اعتراف لله بالفضل والمنة ، حيث وفقهم للعمل الصالح في الدنيا ، وتفضل عليهم بدخول الجنة ، وإبعادهم عن عذاب السموم .
روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لن يدخل الجنة أحد منكم بعمله " . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : " ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله بفضل رحمته ، فسددوا وقاربوا ، ولا يتمنينّ أحدكم الموت ، إما محسنا فلعله أن يزداد في إحسانه ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب " iii . أي : يتوب إلى الله تعالى ، ويطلب العتبى والمغفرة .
وقد ورد أن عبادة الإنسان كلها في حياته لا تكافئ نعمة واحدة ، كنعمة البصر ، فضلا عن سائر النعم ، وهذا يجعل المسلم يشكر ربه ، ويعترف لله تعالى بفضله ومنته ، وواسع رحمته ، وعميم إحسانه ونعمائه .
{ فَمَنَّ الله عَلَيْنَا } أي بالرحمة والتوفيق { ووقانا عَذَابَ السموم } أي عذاب النار النافذة في المسام نفوذ السموم وهو الريح الحارة المعروفة ، ووجه الشبه وإن كان في النار أقوى لكنه في ريح السموم لمشاهدته في الدنيا أعرف فلذا جعل مشبهاً به ، وقال الحسن : { السموم } اسم من أسماء جهنم عاماً لهم ولأهلهم ، فالمراد بيان ما منّ الله تعالى به عليهم من اتباع أهلهم لهم ، وقيل : ذكر { فِى أَهْلِنَا } [ الطور : 26 ] لإثبات خوفهم في سائر الأوقات والأحوال بطريق الأولى فإن كونهم بين أهليهم مظنة الأمن ولا أرى فيه بأساً ، نعم كون ذلك لأن السؤال عما اختصوا به من الكرامة دون أهليهم ليس بشيء ، وقيل : لعل الأولى أن يجعل ذلك إشارة إلى الشفقة على خلق الله تعالى كما أن قوله عز وجل : { إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ } إلى آخره إشارة إلى التعظيم لأمر الله تعالى وترك العاطف بجعل الثاني بياناً للأول ادعاءاً للمبالغة في وجوب عدم انفكاك كل منهما للآخر ولا يخفى ما فيه ، والذي يظهر أن هذا إشارة إلى الرجاء وترك العطف لقصد تعداد ما كانوا عليه أي إنا كنا من قبل ذلك نعبده تعالى ونسأله الوقاية { إِنَّهُ هُوَ البر } أي المحسن كما يدل عليه اشتقاقه من البر بسائر مواده لأنها ترجع إلى الإحسان كبرّ في يمينه أي صدق لأن الصدق إحسان في ذاته ويلزمه الإحسان للغير ، وأبرّ الله تعالى حجة أي قبله لأن القبول إحسان وزيادة ، وأبرّ فلان على أصحابه أي علاهم لأنه غالباً ينشأ عن الإحسان لهم فتفسيره باللطيف كما روي عن ابن عباس ، أو العالي في صفاته ، أو خالق البرّ ، أو الصادق فيما وعد أولياءه كما روي عن ابن جريج بعيد إلا أن يراد بعض ما صدقات ، أو غايات ذلك البر ؟ { الرحيم } الكثير الرحمة الذي إذا عبد أثاب وإذا سئل أجاب ، وقرأ أبو حيوة { ووقانا } [ الطور : 27 ] بتشديد القاف ، والحسن . وأبو جعفر . ونافع . والكسائي { أَنَّهُ } بفتح الهمزة لتقدير لام الجر التعليلية قبلها أي لأنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.