مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (32)

قوله تعالى : { أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون } وأم هذه أيضا على ما ذكرنا متصلة تقديرها أنزل عليهم ذكر ؟ أم تأمرهم أحلامهم بهذا ؟ وذلك لأن الأشياء إما أن تثبت بسمع وإما أن تثبت بعقل فقال هل ورد أمر سمعي ؟ أم عقولهم تأمرهم بما كانوا يقولون ؟ أم هم قوم طاغون يغترون ، ويقولون ما لا دليل عليه سمعا ولا مقتضى له عقلا ؟ والطغيان مجاوزة الحد في العصيان وكذلك كل شيء ظاهره مكروه ، قال الله تعالى : { إنا لما طغى الماء } وفيه مسائل :

المسألة الأولى : إذا كان المراد ما ذكرت فلم أسقط ما يصدر به ؟ تقول لأن كون ما يقولون به مسندا إلى نقل معلوم عدمه لا ينفى ، وأما كونه معقولا فهم كانوا يدعون أنه معقول ، وأما كونهم طاغين فهو حق ، فخص الله تعالى بالذكر ما قالوا به وقال الله به ، فهم قالوا نحن نتبع العقل ، والله تعالى قال هم طاغون فذكر الأمرين اللذين وقع فيهما الخلاف .

المسألة الثانية : قوله { تأمرهم أحلامهم } إشارة إلى أن كل ما لا يكون على وفق العقل ، لا ينبغي أن يقال ، وإنما ينبغي أن يقال ما يجب قوله عقلا ، فهل صار ( كل ) واجب عقلا مأمورا به .

المسألة الثالثة : ما الأحلام ؟ نقول جمع حلم وهو العقل وهما من باب واحد من حيث المعنى ، لأن العقل يضبط المرء فيكون كالبعير المعقول لا يتحرك من مكانه ، والحلم من الحلم وهو أيضا سبب وقار المرء وثباته ، وكذلك يقال للعقول النهى من النهي وهو المنع ، وفيه معنى لطيف وهو أن الحلم في أصل اللغة هو ما يراه النائم فينزل ويلزمه الغسل ، وهو سبب البلوغ وعنده يصير الإنسان مكلفا ، وكأن الله تعالى من لطيف حكمته قرن الشهوة بالعقل وعند ظهور الشهوة كمل العقل فأشار إلى العقل بالإشارة إلى ما يقارنه وهو الحلم ، ليعلم أنه نذير كمال العقل ، لا العقل الذي به يحترز الإنسان تخطئ الشرك ودخول النار ، وعلى هذا ففيه تأكيد لما ذكرنا أن الإنسان لا ينبغي أن يقول كل معقول ، بل لا يقول إلا ما يأمر به العقل الرزين الذي يصحح التكليف .

المسألة الرابعة : هذا إشارة إلى ماذا ؟ نقول فيه وجوه : ( الأول ) أن يكون هذا إشارة مهمة ، أي بهذا الذي يظهر منهم قولا وفعلا حيث يعبدون الأصنام والأوثان ويقولون الهذيان من الكلام ( الثاني ) هذا إشارة إلى قولهم هو كاهن هو شاعر هو مجنون ( الثالث ) هذا إشارة إلى التربص فإنهم لما قالوا نتربص قال الله تعالى أعقولهم تأمرهم بتربص هلاكهم فإن أحدا لم يتوقع هلاك نبيه إلا وهلك .

المسألة الخامسة : هل يصح أن تكون أم في هذا الموضع بمعنى بل ؟ نقول نعم ، تقديره يقولون : إنه شاعر قولا بل يعتقدونه عقلا ويدخل في عقولهم ذلك ، أي ليس ذلك قولا منهم من غير عقل بل يعتقدون كونه كاهنا ومجنونا ، ويدل عليه قراءة من قرأ بل هم قوم طاغون ، لكن بل هاهنا واضح وفي قوله بل تأمرهم أحلامهم خفي .

 
المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (32)

32- أتأمرهم عقولهم بهذا القول المتناقض ؟ ، فالكاهن والشاعر ذو فطنة وعقل ، والمجنون لا عقل له ، بل هم قوم مجاوزون الحد في العناد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (32)

ولقد كان شيوخ قريش يلقبون بذوي الحلوم . أو ذوي الأحلام . إشارة إلى رجاحة عقولهم وحكمتهم في تصريف الأمور . فهو يتهكم بهم وبأحلامهم تجاه الإسلام . وموقفهم منه ينافي الحكمة والعقل ، فيسأل في تهكم : أهذه الأوصاف التي يصفون بها محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] وتلك المواقف التي يقفونها من رسالته كانت من وحي أحلامهم ? أم أنهم طغاة ظالمون لا يقفون عند ما تمليه الأحلام والعقول :

( أم تأمرهم أحلامهم بهذا ? أم هم قوم طاغون ) !

وفي السؤال الأول تهكم لاذع . وفي السؤال الثاني اتهام مزر . وواحد منهما لا بد لاحق بهم في موقفهم المريب !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (32)

{ أم تأمرهم أحلامهم } عقولهم . { بهذا } بهذا التناقض في القول فإن الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر ، والمجنون مغطى عقله والشاعر يكون ذا كلام موزون متسق مخيل ، ولا يتأتى ذلك من المجنون وأمر الأحلام به مجاز عن أدائها إليه . { أم هم قوم طاغون } مجاوزون الحد في العناد وقرئ " بل هم " .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (32)

قوله جلّ ذكره : { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُم بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } .

أتأمرهم عقولهم بهذا ؟ أَم تحملهم مجَاوزة الحدّ في ضلالهم وطغيانهم عَلَى هذا ؟

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (32)

{ أحلامهم } عقولهم . جمع حلم – بالكسر – وهو في الأصل : ضبط النفس عن هيجان الغضب . وإطلاقه على العقل لكونه منشأ له . { قوم طاغون } مجاوزون الحد في المكابرة والعناد .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (32)

أحلامهم : عقولهم .

قومٌ طاغون : ظالمون تجاوزوا حد المكابرة والعناد .

ثم سفّه أحلامَهم بقوله تعالى : { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بهاذآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ؟ }

هل تأمرهم عقولهم بهذا القول المتناقِض ، فالكاهنُ والشاعر من أهلِ الفطنة والعقل والذكاء ، والمجنونُ لا عقل له ، فكيف بكون شاعراً أو مجنوناً ! ؟ ، بل الحقّ أنهم قومٌ طاغون ، يفتَرون الأقاويل دون دليل عليها .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (32)

شرح الكلمات :

{ أم تأمرهم أحلامهم بهذا } : أي أتأمرهم أحلامهم أي عقولهم بهذا وهو قولهم إنك كاهن ومجنون لم تأمرهم عقولهم به .

{ أم هم قوم طاغون } : أي بل هم قوم طاغون متجاوزون لكل حد تقف عنده العقول .

المعنى :

وقوله تعالى : { أم تأمرهم أحلامهم بهذا } والاستفهام للنفي والتوبيخ والجواب لم تأمرهم عقولهم بهذا بل هم قوم طاغون أي إن طغيانهم هو الذي يأمرهم بما يقولون ويفعلون من الباطل والشر والفساد . الهداية

من الهداية :

- ذم الطغيان فانه منبع ل شر ومصدر كل فتنة وضلال .