فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ تَأۡمُرُهُمۡ أَحۡلَٰمُهُم بِهَٰذَآۚ أَمۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (32)

{ أم تأمرهم أحلامهم بهذا ؟ } أي بل أتأمرهم عقولهم بهذا الكلام المتناقض ؟ فإن الكاهن هو المفرط في الفطنة والذكاء ، ودقة النظر . والمجنون هو ذاهب العقل ، مغطي على فهمه ، فضلا عن أن تكون له فطنة وذكاء ، والشاعر يكون ذا كلام موزون متسق مخيل ، ولا يتأتى ذلك من المجنون قال الواحدي : قال المفسرون : كانت عظماء قريش توصف بالأحلام والعقول فأزرى الله بحلومهم حين لم تثمر لهم معرفة الحق من الباطل ، وفي القاموس : الحلم بالكسر الأناة والعقل ، والجمع أحلام وحلول ، فأمر الأحلام به مجاز عن أدائها إليه .

{ أم هم قوم طاغون ؟ } أي بل طغوا وجاوزوا الحد في العناد فقالوا ما قالوا ، وهذه الإضرابات من شيء إلى شيء مع الاستفهام ، كما هو مدلول أم المنقطعة ، تدل على أن ما تعقبها أشنع مما تقدمها ، وأكثر جرأة وعنادا .