مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ} (45)

ثم قال تعالى : { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى } وهو أيضا من جملة المتضادات التي تتوارد على النطفة فبعضها يخلق ذكرا ، وبعضها أنثى ولا يصل إليه فهم الطبيعي الذي يقول : إنه من البرد والرطوبة في الأنثى ، فرب امرأة أيبس مزاجا من الرجل ، وكيف وإذا نظرت في المميزات بين الصغير والكبير تجدها أمورا عجيبة منها نبات اللحية ، وأقوى ما قالوا في نبات اللحية أنهم قالوا : الشعور مكونة من بخار دخاني ينحدر إلى المسام ، فإذا كانت المسام في غاية الرطوبة والتحلل كما في مزاج الصبي والمرأة ، لا ينبت الشعر لخروج تلك الأدخنة من المسام الرطبة بسهولة قبل أن يتكون شعرا ، وإذا كانت في غاية اليبوسة والتكاثف ينبت الشعر لعسر خروجه من المخرج الضيق ، ثم إن تلك المواد تنجذب إلى مواضع مخصوصة فتندفع ، إما إلى الرأس فتندفع إليه لأنه مخلوق كقبة فوق الأبخرة والأدخنة فتتصاعد إليه تلك المواد ، فلهذا يكون شعر الرأس أكثر وأطول ، ولهذا في الرجل مواضع تنجذب إليها الأبخرة والأدخنة ، منها الصدر لحرارة القلب والحرارة تجذب الرطوبة كالسراج للزيت ، ومنها بقرب آلة التناسل لأن حرارة الشهوة تجذب أيضا ، ومنها اللحيان فإنها كثيرة الحركة بسبب الأكل ، والكلام والحركة أيضا جاذبة ، فإذا قيل لهم : فما السبب الموجب لتلازم نبات شعر اللحية وآلة التناسل فإنها إذا قطعت لم تنبت اللحية ؟ وما الفرق بين سن الصبا وسن الشباب وبين المرأة والرجل ؟ ففي بعضها يبهت وفي بعضها يتكلم بأمور واهية ، ولو فوضها إلى حكمة إلهية لكان أولى ، وفي مسألتان :

الأول : قال تعالى : { وأنه خلق } ولم يقل : وأنه هو خلق كما قال : { وأنه هو أضحك وأبكى } وذلك لأن الضحك والبكاء ربما يتوهم متوهم أنه بفعل الإنسان ، وفي الإماتة والإحياء وإن كان ذلك التوهم بعيدا ، لكن ربما يقول به جاهل ، كما قال من حاج إبراهيم الخليل عليه السلام حيث قال : { أنا أحي وأميت } فأكد ذلك بذكر الفصل ، وأما خلق الذكر والأنثى من النطفة فلا يتوهم أحد أن يفعل أحد من الناس فلم يؤكد بالفصل ألا ترى إلى قوله تعالى : { وأنه هو أغنى وأقنى } حيث كان الإغناء عندهم غير مستند إلى الله تعالى وكان في معتقدهم أن ذلك بفعلهم كما قال قارون : { إنما أوتيته على علم عندي } ولذلك قال : { وأنه هو رب الشعرى } لأنهم كانوا يستبعدون أن يكون رب محمد هو رب الشعرى . فأكد في مواضع استبعادهم النسبة إلى الله تعالى الإسناد ولم يؤكده في غيره .

المسألة الثانية : الذكر والأنثى اسمان هما صفة أو اسمان ليسا بصفة ؟ المشهور عند أهل اللغة الثاني والظاهر أنهما من الأسماء التي هي صفات ، فالذكر كالحسن والعزب والأنثى كالحبلى والكبرى وإنما قلنا : إنها كالحبلى في رأي لأنها حيالها أنشئت لا كالكبرى ، وإن قلنا : إنها كالكبرى في رأي ، وإنما قلنا : إن الظاهر أنهما صفتان ، لأن الصفة ما يطلق على شيء ثبت له أمر كالعالم يطلق على شيء له علم والمتحرك يقال لشيء له حركة بخلاف الشجر والحجر ، فإن الشجر لا يقال لشيء بشرط أن يثبت له أمر بل هو اسم موضوع لشيء معين ، والذكر اسم يقال لشيء له أمر ، ولهذا يوصف به ، ولا يوصف بالشجر ، يقال جاءني شخص ذكر ، أو إنسان ذكر ، ولا يقال جسم شجر ، والذي ذهب إلى أنه اسم غير صفة إنما ذهب إليه ، لأنه لم يرد له فعل ، والصفة في الغالب له فعل كالعالم والجاهل والعزب والكبرى والحبلى ، وذلك لا يدل على ما ذهب إليه ، لأن الذكورة والأنوثة من الصفات التي لا يتبدل بعضها ببعض ، فلا يصاغ لها أفعال لأن الفعل لما يتوقع له تجدد في صورة الغالب ، ولهذا لم يوجد للإضافيات أفعال كالأبوة والبنوة والأخوة إذ لم تكن من الذي يتبدل ، ووجد للإضافيات المتبدلة أفعال يقال : وأخاه وتبناه لما لم يكن مثبتا بتكلف فقبل التبدل .

 
المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ} (45)

45 - وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى - من الإنسان والحيوان - من نطفة دافقة{[209]} .


[209]:المقصود بالآية الكريمة الدلالة على قدرة الله تعالى بأنه خلق الذكور والإناث جميعا من الناس والحيوانات من نطفة يشترك في إفرازها الذكر والأنثى. وهي على دقة محتوياتها وصغر حجمها ينبوع الحياة ومصدر الإحياء، وأن الإعجاز القرآني حق، كما يتضح في الآية الكريمة إذ تذكر أن العالم لم يكن بعلم إلى عهد قريب أن في سائل الذكر حيوانات منوية، وأن في سائل الأنثى بويضات، فإذا التقى حيوان منوي وبويضة واتحدا حدث الإخصاب والحمل، وهذه حقيقة سبق القرآن الكريم إلى ذكرها قبل أن يكشف عنها العلم.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ} (45)

( وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى ) . .

وهي الحقيقة الهائلة الواقعة المتكررة في كل لحظة . فينساها الإنسان لتكرارها أمام عينيه ، وهي أعجب من كل عجيبة تبدعها شطحات الخيال !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ} (45)

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ} (45)

44

المفردات :

تُمنى : تدفع في الرحم ، من قولهم : أمنى الرجل ومَنَى ، أي : صبّ المنيّ .

التفسير :

45 ، 46- { وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى } .

إنه لأمر عجيب يتكرر كل يوم ، حين تنتقل النطفة من المني الذي يمنى ، وتنتقل ملايين الحيوانات المنوية ، ويسبق أحدها لإخصاب البويضة ، ويتم الخلق لجنين الإنسان أو الحيوان وبعضه يصبح ذكرا وبعضه يصبح أنثى ، ليتم إعمار الكون وتكامله .

قال تعالى : { أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى *أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } . ( القيامة : 34-40 ) .

وقال عز شأنه : { يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } . ( الشورى : 49-50 ) .

وإذا تأملت في عالم الإنسان والحيوان ، والنبات والسحاب وغير ذلك ، وجدت العجب العجاب الذي يدير الرؤوس من أثر القدرة الإلهية ، التي عنيت بحفظ هذا الكون ورعايته ، ومن ذلك خلق الذكر والأنثى من المنيّ الذي يمنى من الذكر ، ويصبّ في الأرحام ، ويتكوّن الجنين في بطن الأم في مراحل متعددة ، ثم يولد الجنين وله حواس متعددة ، وبعضه ذكر وبعضه أنثى .

قال تعالى : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة . . . } ( النحل : 72 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ} (45)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ} (45)

وأنه خلَقَ الزوجين : الذكر والأنثى ،

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ} (45)

شرح الكلمات :

{ وإنه خلق الزوجين } : أي الصنفين الذكر والأنثى .

المعنى :

* وأنه خلق الزوجين أي الصنفين الذكر والأنثى من سائر الحيوانات من نطفة أي قطرة المنى إذا تمنى أى تصب في الأرحام .

/ذ54

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ} (45)

{ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ } فسر الزوجين{[909]}  بقوله : { الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى } وهذا اسم جنس شامل لجميع الحيوانات ، ناطقها وبهيمها ، فهو المنفرد بخلقها .


[909]:- في ب: فسرهما.