روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{يُطَافُ عَلَيۡهِم بِكَأۡسٖ مِّن مَّعِينِۭ} (45)

{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ } إما استئناف لبيان ما يكون فهم في مجالس أنسهم أو حال من الضمير في { متقابلين } [ الصافات : 44 ] أو في أحد الجارين : وجوز كونه صفة لمكرمون . وفاعل الطواف على ما قيل من مات من أولاد المشركين قبل التكليف . ففي «الصحيح » أنهم خدم أهل الجنة . وقد صرح به في موضع آخر وهو قوله تعالى : { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ ولدان مُّخَلَّدُونَ } [ الواقعة : 17 ] وقوله سبحانه : { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ * غِلْمَانٌ لَّهُمْ } [ الطور : 24 ] { بِكَأْسٍ } أي بخمر كما روى عن ابن عباس . وأخرج ابن أبي شيبة . وابن جرير . وغيرهما عن الضحاك قال : كل كأس ذكره الله تعالى في القرآن إنما عني به الخمر . ونقل ذلك أيضاً عن الحبر . والأخفش وهو مجاز مشهور بمنزلة الحقيقة . وعليه قول الأعشى :

وكأس شربت على لذة *** وأخرى تداويت منها بها

ويدل على أنه أراد بها الخمر إطلاقاً للمحل على الحال قوله شربت . وتقدير شربت ما فيها تكلف . والقرينة ههنا ما يأتي بعد . وجوز تفسيره بمعناه الحقيقي وهو إناء فيه خمر ، وأكثر اللغويين على أن إناء الخمر لا يسمى كأساً حقيقة إلا وفيه خمر فإن خلا منه فهو قدح ، والخمر ليس بمتعين ، قال في «البحر » الكأس ما كان من الزجاج فيه خمر أو نحوه من الأنبذة ولا يسمى كأساً إلا وفيه ذلك ، وقال الراغب : الكأس الإناء بما فيه من الشراب ويسمى كل واحد منهما بانفراده كأساً يقال كأس خال ويقال شربت كأساً وكأس طيبة ، ولعل كلامه أظهر في أن تسمية لخالي كأساً مجاز ، وحكى عن بعضهم أنه قال : الكأس من الأواني كل ما اتسع فمه ولم يكن مقبض ولا يراعى كونه لخمر أو لغيره { مّن مَّعِينٍ } في موضع الصفة لكأس أي كائنة من شراب معين أو نهر معين أي ظاهر للعيون جار على وجه الأرض كما تجري الأنهار أو خارج من العيون والمنابع . وأصله معيون من عان الماء إذا ظهر أو نبع على أن ميمه زائدة أو هو من معن فهو فعيل على أن الميم أصلية .

ووصف به خمر الجنة تشبيهاً لها بالماء لكثرتها حتى تكون أنهاراً جارية في الجنان . ويؤذن ذلك برقتها ولطافتها وأنها لم تدس بالأقدام كخمر الدنيا كما ينبئ عن دوسها بها قوله :

بنت كرم يتموها أمها *** ثم هانوها بدوس بالقدم

ثم عادوا حكموها فيهم *** ويلهم من جور مظروم حكم

وقول الآخر :

وشمولة من عهد عاد قد غدت *** صرعى تداس بأرجل العصار

لانت لهم حتى انتشوا فتمكنت *** منهم فصاحب فيهم بالثار

وهذا مبني على أنها خمر في الحقيقة ، وجوز أن تكو ماء فيه لذة الخمر ونشأته فالوصف بذلك ظاهر ، وتفيد الآية وصف مائهم باللذة والنشأة ، وما ذكر أولاً هو الظاهر نعم قال غير واحد : لا اشتراك بين ما في الدنيا وما في الجنة إلا بالأسماء فحقيقة خمر الجنة غير حقيقة خمر الدنيا وكذا سائر ما فيهما .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُطَافُ عَلَيۡهِم بِكَأۡسٖ مِّن مَّعِينِۭ} (45)

{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ } أي : يتردد الولدان المستعدون لخدمتهم بالأشربة اللذيذة ، بالكاسات الجميلة المنظر ، المترعة من الرحيق المختوم بالمسك ، وهي كاسات الخمر .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُطَافُ عَلَيۡهِم بِكَأۡسٖ مِّن مَّعِينِۭ} (45)

قوله تعالى : { يطاف عليهم بكأس } إناء فيه شراب ولا يكون كأساً حتى يكون فيه شراب ، وإلا فهو إناء ، { من معين } خمر جارية في الأنهار ظاهرة تراها العيون .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يُطَافُ عَلَيۡهِم بِكَأۡسٖ مِّن مَّعِينِۭ} (45)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{يطاف عليهم} يعني يتقلب عليهم بأيدي الغلمان الخدم.

{بكأس} يعني الخمر {من معين} يعني الجاري...

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

ابن كثير: قال مالك عن زيد بن أسلم: خمر جارية بيضاء.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"يُطافُ عَلَيْهِمْ بكأْسٍ مِنْ مَعِينٍ" يقول تعالى ذكره: يطوف الخدم عليهم بكأس من خمر جارية ظاهرة لأعينهم غير غائرة... عن الضحاك بن مزاحم، في قوله: "بكأْسٍ مِنْ مَعِينٍ "قال: كلّ كأس في القرآن فهو خمر...

والكأس عند العرب: كلّ إناء فيه شراب، فإن لم يكن فيه شراب لم يكن كأسا، ولكنه يكون إناء.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

يقال للزجاجة فيها الخمر: كأس، وتسمى الخمر نفسها كأساً، وصف بما يوصف به الماء، لأنه يجري في الجنة في أنهار كما يجري الماء، قال الله تعالى: {وأنهار مّنْ خَمْرٍ} [محمد: 15].

التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي 741 هـ :

المعين: الجاري الكثير.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان ذلك لا يكمل إلا بالشراب، وكان المقصود الطواف فيه، لا كونه من معين، قال: {يطاف} بالبناء للمفعول وكأنها يدلى إليهم من جهة العلو؛ ليكون أشرف لها وأصون، فنبه على ذلك بأداة الاستعلاء فقال: {عليهم} أي وهم فوق أسرتهم كالملوك.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

{مّن مَّعِينٍ}... يؤذن ذلك برقتها ولطافتها وأنها لم تدس بالأقدام كخمر الدنيا.

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

كما يتمتعون بطيب المأكل، يتمتعون بجيد الشراب تتميما للنعمة كما هو حال العظماء في الدنيا، فيؤتى لهم بصنوف الخمور على سبيل السعة والكثرة، كأنها تؤخذ من نهر جار فلا تقتير ولا بخل، بل كلما طلبوا وجدوا.