اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يُطَافُ عَلَيۡهِم بِكَأۡسٖ مِّن مَّعِينِۭ} (45)

ولما ذكر المأكل والمسكن ذكر بعده صفة المشرب فقال : { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } . والكأس من الزجاج ما دام فيها شراب وإلا فهو قَدَح . وقد يطلق الكأس على الخمر نفسها وهو مجاز سائغٌ{[46955]} وأنشد :

4193- وَكَأس شَرِبْتُ عَلَى لذَّةٍ . . . وَأُخْرَى تَدَاوَيْتُ مِنْهَا بِهَا{[46956]}

و «مِنْ مَعين » صفة «لكأسٍ »{[46957]} . والمعين معناه الخَمر الجارية في الأنهار ، أي ظاهرة تراها العيون وتقدم الكلام في مَعِين{[46958]} . وعن الأخفش : كل كأس في القرآن فهي الخَمْر{[46959]} وقوله : { مِنْ مَعِين } أي من شراب مَعِينٍ أو من نَهْرٍ مَعِينٍ . المَعِينُ مأخوذ من عين الماء أي يخرج من العيون كما يخرج الماء ، وسمي ( م ){[46960]} عِيناً لظهوره ، يقال : عَانَ الماءُ إذا ظهر جارياً ، ( قاله{[46961]} ثعلب ) فهو مَفْعُول من العَيْن نحو : مَبِيع ومَكِيلٍ ، وقيل : سمي معيناً لأنه يجري ظاهر العين كما تقدم . ويجوز أن يكون فعيلاً من المعين وهو الماء الشديد الجري ، ومنه أمْعَنَ في الجَرْيِ إذا اشتد فيه{[46962]} .


[46955]:قاله الرازي 26/137 والنحاس في الإعراب 3/419 والزجاج في المعاني 4/303.
[46956]:البيت من المتقارب وهو للأعشى ميمون وقد ذكره الرازي في 26/137 والبحر في 7/359، والبيضاوي 2/56 والزمخشري في 3/340 وشرح شواهده 561 وديوانه 24 دار صادر بيروت.
[46957]:قاله السمين 4/548.
[46958]:عند قوله : "وآويناهما إلى ربوة ذات قرارا ومعين"، [المؤمنون: 50] وقال هناك المعين الماء الظاهر الجاري ولنا أن نجعل ميمها أصلية ونجعلها فعيلا من الماعون أو مفعولا من العيون وانظر: اللباب ميكروفيلم.
[46959]:نقله عنه الرازي والكشاف المراجع السابقة.
[46960]:الميم سقط من ب.
[46961]:سقط من "ب" و "أ" أيضا فهو تصحيح من الرازي واللسان. وانظر: اللسان: "م ع ن" 4237 فقد نقل الهروي في فصل "عين" عن ثعلب أنه قال: عان الماء يعين إذا جرى ظاهرا. اللسان المرجع السابق.
[46962]:اللسان والرازي السابقان.