روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا هِيَهۡ} (10)

{ فَأُمُّهُ } أي فماواه كما قال ابن زيد وغيره { هَاوِيَةٌ } أريد بها النار كما يؤذن به قوله تعالى : { مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ } فإنه تقرير لها بعد إبهامها والإشعار بخروجها عن المعهود للتفخيم والتهويل وذكر أن إطلاق ذلك عليها لغاية عمقها وبعد مهواها فقد روى أن أهل النار تهوى فيها سبعين خريفاً وخصها بعضهم بالباب الأسفل من النار وعبر عن المأوى بالأم على التشبيه بها فالأم مفزع الولد ومأواه وفيه تهكم به وقيل شبه النار بالأم في أنها تحيط بها إحاطة رحم الولد بالأم . وعن قتادة وأبي صالح وعكرمة والكلبي وغيرهم المعنى فام رأسه هاوية في قعر جهنم لأنه يطرح فيها منكوساً وفي رواية أخرى عن قتادة هو من قولهم إذا دعوا على الرجل بالهلكة هوت أمه لأنه إذا هوى أي سقط وهلك فقد هوت أمه ثكلاً وحزناً ومن ذلك قول كعب بن سعد الغنوي

هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا *** وماذا يرد الليل حين يؤب

وفي «الكشف » أن هذا أحسن ليطابق قوله سبحانه : { فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [ القارعة : 7 ] وما فيه من المبالغة وقال الطيبي أنه الأظهر وللبحث فيه مجال والضمير أعني هي عليه للداهية التي دل عليها الكلام وعلى ما قدمنا لهاوية وعلى الوجه الثاني لما يشعر به الكلام كأنه قيل فأم رأسه هاوية في نار { وَمَا أَدْرَاكَ } الخ والهاء الملحقة في هيه هاء السكت وحذفها في الوصل ابن أبي إسحق والأعمش وحمزة وأثبتها الجمهور .