روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ فَٱخۡرُجۡ مِنۡهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٞ} (34)

{ قَالَ } استئناف كما تقدم أيضاً { فاخرج مِنْهَا } قيل : الظاهر أن الضمير للسماء وإن لم يجر لها ذكر ، وأيد بظاهر قوله تعالى : { فاهبط مِنْهَا } [ الأعراف : 13 ] وقيل لزمرة الملائكة عليهم السلام ويلزم خروجه من السماء إذ كونه بانزاوئه عنهم في جانب لا يعد خروجاً في المتبارد وكفى به قرينة ، وقيل : للجنة لقوله تعالى : { اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة } [ الأعراف : 19 ] ولوقوع الوسوسة فيها ورد بأن وقوعها كان بعد الأمر بالخروج { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } مطرود من كل خير وكرامة فإن من يطرد يرجم بالحجارة فالكلام من باب الكناية ، وقيل : أي شيطان يرجم بالشهب وهو وعيد بالرجم بها ، وقد تضمن هذا الكلام الجواب عن شبهته حيث تضمن سوء حاله ، فكأنه قيل : إن المانع لك عن السجود شقاوتك وسوء خاتمتك وبعدك عن الخير لا شرف عنصرك الذي تزعمه ، وقيل : تضمنه ذلك لأنه علم منه أن الشرف بتشريف الله تعالى وتكريمه فبطل ما زعمه من رجحانه إذ أبعده الله تعالى وأهانه وقرب آدم عليه الصلاة والسلام وكرمه ، وقيل : تضمنه للجواب بالسكوت كما قيل : جواب ما لا يرتضي السكوت ، وفي تفسير الرجيم بالمرجوم بالشهب إشارة لطفية إلى أن اللعين لما افتخر بالنار عذب بها في الدنيا فهو :

كعابد النار يهواها وتحرقه . . .

ومن باب الإشارة ) :{ قَالَ فاخرج مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } [ الحجر : 34 ] طريد عن ساحة القرب إذ القرب يقتضي الامتثال وكلما ازداد العبد قرباً من ربه ازداد خضوعاً وخشوعاً