إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ فَٱخۡرُجۡ مِنۡهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٞ} (34)

{ قَالَ فاخرج مِنْهَا } أي من زُمرة الملائكةِ المعزّزين لا من السماء ، فإن وسوسته لآدمَ عليه الصلاة والسلام في الجنة إنما كانت بعد هذا الطرد ، وقوله تعالى : { فاهبط مِنْهَا } ليس نصًّا في ذلك ، فإن الخروجَ من بين الملإ الأعلى هبوطٌ وأيُّ هبوط ، أو من الجنة على أن وسوستَه كانت بطريق النداءِ من بابها كما رُوي عن الحسن البصْري ، أو بطريق المشافهة بعد أن احتال في دخولها وتوسّل إليه بالحيّة كما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولا ينافي هذا طردَه على رؤوس الأشهاد لما يقتضيه من الحِكَم البالغة { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } مطرودٌ من كل خير وكرامةٍ ، فإن من يُطرَدْ يُرجَمْ بالحجارة ، أو شيطان يُرجَمُ بالشهب وهو وعيدٌ يتضمن الجوابَ عن شبهته ، فإن مَن عارض النصَّ بالقياس فهو رجيم ملعون .