{ وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ العذاب الاليم } وهذا إجمال لما سبق من الوعد والوعيد وتأكيد له ، و { أَنَاْ } إما مبتدأ أو تأكيد أو فصل ، وهو إما مبتدأ أو فصل ، وأن وما بعدها قال أبو حيان : ساد مسد مفعولي { نَبّىء } [ الحجر : 49 ] إن قلنا : إنها تعدت إلى ثلاثة ومسد واحد إن قلنا تعدت إلى اثنين ، وفي ذكر المغفرة إشعار على ما قيل بأن ليس المراد بالمتقين من يتقي جميع الذنوب إذ لو أريد ذلك لم يكن لذكرها موقع ، وقيل : إن ذكرها حينئذٍ لدفع توهم أن غير أولئك المتقين لا يكون في الجنة بأنه يدخلها وإن لم يتب لأنه تعالى الغفور الرحيم ، وله وجه ، وفي توصيف ذاته تعالى بالمغفرة والرحمة دون التعذيب حيث لم يقل سبحانه : وإني أنا المعذب المؤلم ترجيح لجانب الوعد على الوعيد وإن كان الأليم على ما قال غير واحد في الحقيقة صفة العذاب ، وكذا لا يضر في ذلك الإضافة إنها لا تقتضي حصول المضاف إليه بالفعل كما إذا قيل ضربي شديد فإنه يصح أن يراد منه ذاك شديد إذا وقع ويكفي في الإضافة أدنى ملابسة ، ويقوى أمر الترجيح الإتيان بالوصفين بصيغتي المبالغة ، وكذا ما أخرج ابن جرير . وابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي منه بنو شيبة فقال : ألا أراكم تضحكون ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال : إني لما خرجت جاء جبريل عليه السلام فقال : يا محمد إن الله تعالى يقول لم تقنط عبادي ؟ { نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا الغفور الرحيم } [ الحجر : 49 ] الآية ، وتقديم الوعد أيضاً يؤيد ذلك ، وفيه إشارة إلى سبق الرحمة حسبما نطق به الخبر المشهور .
ومع ذلك كله في الآية ما تخشع منه القلوب ، فقد أخرج عبد بن حميد . وجماعة عن قتادة أنه قال في الآية : بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : «لو يعلم العبد قدر عفو الله تعالى لما تورع من حرام ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه » وأخرج الشيخان . وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن الله سبحانه خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة فلو يعلم الكافر كل الذي عنده من رحمة لم ييأس من الرحمة ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله تعالى من العذاب لم يأمن من النار » ثم إنه تعالى لما ذكر الوعد والوعيد ذكر ما يحقق ذلك لما تضمنه من البشرى والإهلاك بقوله سبحانه :
( ومن باب الإشارة ) :{ وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ العذاب الاليم } [ الحجر : 50 ] وهو عذاب الاحتجاب والطرد عن الباب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.