التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تَظُنُّ أَن يُفۡعَلَ بِهَا فَاقِرَةٞ} (25)

{ فجملة تَظُنّ أن يُفْعَل بها فاقرة } استئناف بياني لبيان سبب بسورها .

و{ فاقرة } : داهية عظيمة ، وهو نائب فاعل { يُفعل بها } ولم يقترن الفعل بعلامة التأنيث لأن مرفوعهُ ليس مؤنثاً حقيقياً ، مع وقوع الفصل بين الفعل ومرفوعه ، وكلا الأمرين يسوغ ترك علامة التأنيث . وإِفراد { فاقرة } إفراد الجنس ، أي نوعاً عظيماً من الداهية .

والمعنى : أنهم أيقنوا بأن سيلاقوا دواهي لا يُكتنه كنهها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{تَظُنُّ أَن يُفۡعَلَ بِهَا فَاقِرَةٞ} (25)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{تظن} يقول: تعلم {أن يفعل بها فاقرة} يقول: يفعل بها شر.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"تَظُنّ أنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ "يقول تعالى ذكره: تعلم أنه يفعل بها داهية.

وأصل الفاقرة: الوسم الذي يُفْقَر به على الأنف.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{تظن أن يفعل بها فاقرة}: فجائز أن يكون الظن في موضع العلم ههنا، وجائز أن يكون على حقيقة الظنّ؛ وذلك أن الظن يتولد من ظواهر الأشياء، فالأسباب إذا كثرت، وازدحمت، وقع بها العلم، وإذا قلت، وخفيت، لم يقع بها علم. فجائز أن تكون أسباب الشر أحاطت به من كل جانب حتى وقع البأس من النجاة، وأيقن أنه يفعل به الشر.

وجائز أن يكون الأمر بعد لم يبلغ مبلغ الإياس، فيتوقع النجاة، ولا يتيقن أنه يفعل بها فاقرة، بل يكون منه ظن، والله أعلم.

والفاقرة: قيل: الشر والمنكر والداهية، وقيل: الفقير هو كسير الظهر، والفقر الكسر، والفقار عظم في الظهر يكسر. فكان عظم الظهر يكسر في الآخرة، ويسحب في النار على وجهه.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

{فَاقِرَةٌ} أي: داهية؛ وهي بقاؤهم في النار عَلَى التأبيد.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{تَظُنُّ} تتوقع أن يفعل بها فعل هو في شدّته وفظاعته {فَاقِرَةٌ} داهية تقصم فقار الظهر.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{تظن أن يفعل بها فاقرة} والظن هاهنا بمعنى اليقين، هكذا قاله المفسرون، وعندي أن الظن إنما ذكر هاهنا على سبيل التهكم كأنه قيل: إذا شاهدوا تلك الأحوال، حصل فيهم ظن أن القيامة حق، وأما الفاقرة، فقال أبو عبيدة: الفاقرة الداهية، وهو اسم للوسم الذي يفقر به على الأنف، قال الأصمعي: الفقر أن يحز أنف البعير حتى يخلص إلى العظم، أو قريب منه، ثم يجعل فيه خشبة يجر البعير بها.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان ظن الشر كافياً في الحذر منه والمبالغة في استعمال ما يحمي منه، قال دالاً على أنه عبر بالوجه عن الجملة: {تظن} أي تتوقع بما ترى من المخايل: {أن يفعل} بناه للمفعول لأن المحذور وقوع الشر لا كونه من معين {بها} أي بهم فإنه إذا أصيب الوجه الذي هو أشرف ما في الجملة كان ما عداه أولى {فاقرة} أي داهية تكسر الفقار وهو عظم سلسلة الظهر الذي هو أصلب ما في العظام فتكون قاصمة الظهر.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 24]

وهي الوجوه الكالحة المتقبضة التعيسة، المحجوبة عن النظر والتطلع، بخطاياها وارتكاسها وكثافتها وانطماسها. وهي التي يشغلها ويحزنها ويخلع عليها البسر والكلوحة توقعها أن تحل بها الكارثة القاصمة للظهر، المحطمة للفقار.. الفاقرة. وهي من التوقع والتوجس في كرب وكلوحة وتقبض وتنغيص.. فهذه هي الآخرة التي يذرونها ويهملونها؛ ويتجهون إلى العاجلة يحبونها ويحفلونها. ووراءهم هذا اليوم الذي تختلف فيه المصائر والوجوه، هذا الاختلاف الشاسع البعيد!!! من وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة إلى وجوه يومئذ باسرة، تظن أن يفعل بها فاقرة!!!