اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{تَظُنُّ أَن يُفۡعَلَ بِهَا فَاقِرَةٞ} (25)

قوله تعالى : { تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } . أي : توقن وتعلم .

قال ابن الخطيب{[58720]} : هكذا قاله المفسرون ، وعندي أن الظن هنا إنما ذكر على سبيل التهكم ، كأنه قيل لما شاهدوا تلك الأحوال حصل فيهم ظن أن القيامة حق .

والفاقرة هي الداهية العظيمة ، قاله أبو عبيدة .

سميت بذلك لأنها تكسر فقار الظهر .

قال النابغة : [ الطويل ]

5003 - أبَى لِيَ قَبْرٌ لا يَزالُ مُقَابلِي***وضَرْبَةُ فَأسٍ فَوقَ رَأسِي فَاقِرَهْ{[58721]}

أي : داهية مؤثِّرة ، يقال : فقرته الفاقرة ، أي : كسرت فقار ظهره . قال معناه مجاهد وغيره ، ومنه سمي الفقير لانكسار فقاره من القلّ وقد تقدم في البقرة{[58722]} .

وقال قتادة : «الفاقرة » : الشر{[58723]} ، وقال السديُّ : الهلاك{[58724]} .

وقال ابن عباس وزيد : دخول النار{[58725]} ، وأصلها الوسم على أنف البعير بحديدة أو نار حتى يخلص إلى العظم . قاله الأصمعي .

يقال : فقرت أنف البعير : إذا حززته بحديدة ، ثم جعلت على موضع الحزّ الجرير وعليه وتر مَلْويّ لتذلله وتروضه .


[58720]:ينظر الرازي 30/203.
[58721]:يروى إن لي قبرا، مكان أبى لي قبرا. ينظر ديوانه (121)، والقرطبي 19/72، والبحر المحيط 8/374، والدر المصون 6/431، وفتح القدير 5/339.
[58722]:آية 268.
[58723]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/345) وذكره السيوطي في الدر المنثور" (6/477) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
[58724]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/72).
[58725]:ينظر المصدر السابق.