المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (22)

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (22)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{خالدين فيها أبدا} لا يموتون، {إن الله عنده} يعني عند الله {أجر} يعني جزاء، {عظيم} وهي الجنة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"خالِدِينَ فِيها" ماكثين فيها، يعني في الجنات. "أبَدا "لا نهاية لذلك ولا حدّ. "إنّ اللّهَ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ" يقول: إن الله عنده لهؤلاء المؤمنين الذين نعتهم جلّ ثناؤه النعت الذي ذكر في هذه الآية "أجر": ثواب على طاعتهم لربهم وأدائهم ما كلفهم من الأعمال "عظيم"، وذلك النعيم الذي وعدهم أن يعطيهم في الآخرة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قال الحسن: ما سمى الله عظيما فهو عظيم لا ندرك عظمته.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والأبد: الزمان المستقبل من غير آخر. وقوله "عظيم "يعني كبير متضاعف لا تبلغه نعمة غيره من الخلق..

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 21]

... وأسند التبشير إلى قوله:"ربهم"، لما في ذلك من الإحسان إليهم بأن مالك أمرهم والناظر في مصالحهم هو الذي يبشرهم، فذلك على تحقيق عبوديتهم لربهم.

ولما كانت الأوصاف التي تحلوا بها وصاروا بها عبيده حقيقة هي ثلاثة: الإيمان، والهجرة، والجهاد بالمال والنفس، قوبلوا في التبشير بثلاثة: الرحمة، والرضوان، والجنات.

فبدأ بالرحمة لأنها الوصف الأعم الناشئ عنها تيسير الإيمان لهم، وثنى بالرضوان لأنه الغاية من إحسان الرب لعبده وهو مقابل الجهاد، إذ هو بذل النفس والمال، وقد على الجنات لأن رضا الله عن العبد أفضل من إسكانهم الجنة.

وفي الحديث الصحيح: « إن الله تعالى يقول: يا أهل الجنة هل رضيتم؟ فيقولون: يا ربنا كيف لا نرضى وقد باعدتنا عن نارك وأدخلتنا جنتك، فيقول: لكم عندي أفضل من ذلك، فيقولون: وما أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضائي فلا أسخط عليكم بعدها».

وأتى ثالثاً بقوله: وجنات لهم فيها نعيم مقيم، أي دائم لا ينقطع، وهذا مقابل لقوله {وهاجروا} لأنهم تركوا أوطانهم التي نشأوا فيها وكانوا فيها منعمين، فآثروا الهجرة على دار الكفر إلى مستقر الإيمان والرسالة، فقوبلوا على ذلك بالجنات ذوات النعيم الدائم، فجاء الترتيب في أوصافهم على حسب الواقع: الإيمان، ثم الهجرة، ثم الجهاد.

وجاء الترتيب في المقابل على حسب الأعم، ثم الأشرف، ثم التكميل.

قال التبريزي: ونكر الرحمة والرضوان للتفخيم والتعظيم.

برحمة أي: رحمة لا يبلغها وصف واصف.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ثم صرح بخلودهم فيها بلفظ الخلود ليكون أقر للنفس فقال: {خالدين فيها} وحقق أمره بقوله: {أبداً} ثم استأنف المدح لذلك مؤذناً بالمزيد بقوله: {إن الله} أي الذي له الغنى المطلق والقدرة الكاملة {عنده أجر عظيم} وناهيك بما يصفه العظيم دالاًّ بالعظم، وخص هؤلاء المؤمنين بهذا الثواب المعبر عن دوامه بهذه العبارات الثلاث المقرونة بالتعظيم والاسم الأعظم، فكان أعظم الثواب، لأن إيمانهم أعظم الإيمان.

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{إن الله عنده أجر عظيم} أي لأن ما عند الله تعالى من الأجر على الإيمان والعمل الصالح وأعظمه وأنفعه وأشقه الهجرة والجهاد عظيم جدا، لا يقدر قدره غيره جل جلاله وعم نواله، وناهيك بالإيمان الكامل الباعث على هجر الوطن، ومفارقة الأهل والسكن، وإنفاق المال الذي هو مناط رغائب الدنيا ونعيمها، وبذل النفس التي هي العلة الغائية للبشر من وجودهم، جهادا في سبيل الله وهي الطريق التي شرعها، والسنن التي سنها لإعلاء كلمته ونصر رسوله، وإقامة ما شرعه من الحق والعدل لعباده، فلا غرو أن يبشرهم بجميع أنواع الأجر والجزاء الروحية والجسدية.

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} لا ينتقلون عنها، ولا يبغون عنها حِوَلًا. {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} لا تستغرب كثرته على فضل اللّه، ولا يتعجب من عظمه وحسنه على من يقول للشيء كن فيكون.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جملة {إن الله عنده أجر عظيم} تذييل وتنويه بشأن المؤمنين المهاجرين المجاهدين لأنّ مضمون هذه الجملة يعمّ مضمون ما قبلها وغيرَه، وفي هذا التذييل إفادة أنّ ما ذكر من عظيم درجات المؤمنين المهاجرين المجاهدين هو بعض ما عند الله من الخيرات فيحصل من ذلك الترغيب في الازدياد من الأعمال الصالحة ليزدادوا رفعة عند ربّهم، كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه « ما عَلى من دُعي من جميع تلك الأبواب من ضَرورة». والأجرُ: العوض المعطى على عمل.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

الخلود نعمة فوق نعمة الجنة ذاتها، فإن الإحساس بدوام النعمة نعمة، وليس في مقابل الدنيا الفانية، وأكد سبحانه وتعالى خلود الجنة ودوام نعيمها بقوله تعالى: {أبدا} فهي دائمة لا بقدر الدنيا، كما توهم بعض الذين لا يدركون حقائق نعم الله، إنما هي باقية أبدا ما شاء الله تعالى أن تبقى.وقد بين الله تعالى بعد ذلك أن عند الله تعالى ما هو أكبر من ذلك، فقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} والعبادة تحتمل أن عند الله جزاء آخر غير ما ذكر وتحتمل أن الله تعالى يبين أن ذلك أجر عظيم، وقد نكر أجر للدلالة على أنه أجر لا يحيط به عقل أهل الدنيا، ولذلك نرجح الاحتمال الأول وهو أن وراء الجنة وخلودها، ونعيمها أجر عظيم من ذلك، مثل تجليات الله على عباده يوم القيامة. إنه هو العزيز الرحيم.