التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (22)

{ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } أى : ماكثين في تلك الجنات مكثاً أبدياً .

{ إِنَّ الله عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } لا يقدر قدره لهؤلاء الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموارهم وأنفسهم .

قال الآلوسى : ذكر أبو حيان أنه - تعالى - لما وصف المؤمنين بثلاث صفات الإِيمان والهجرة ، والجهد بالنفس والمال ، قابلهم على ذلك بالتبشير بثلاث : الرحمة والرضوان ، والجنة .

وبدأ - سبحانه - بالرحمة في مقابلة الإِيمان لتوقفها عليه ، ولأنها أعم النعم وأسبقها كما أن الإِيمان هو السابق .

وثنى - سبحانه - بالرضوان الذي هو نهاية الإِحسان في مقابلة الجهاد الذي هو بذل الأنفس والأموال .

وثلث بالجنات في مقابلة الهجرة وترك الأوطان ، إشارة إلى أنهم لما آثروا تركها - في سبيله أعطاهم بدلها داراً عظيمة دائمة وهى الجنات .

وفى الحديث الصحيح يقول الله - سبحانه - : " يا أهل الجنة هل رضيتم ؟ فيقولون كيف لا نرضى وقد باعدتنا عن نارك وأودخلتنا جنتك ؟ فيقول - سبحانه - لكم عندى أفضل من ذلك ، فيقولون : وما أفضل من ذلك ؟ فيقول جل شأنه : أحل لكم رضائى فلا أسخط عليكم بعده أبداً " .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد بينت أنه لا تصح المساواة بين المؤمنين الصادقين الذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، وبين غيرهم ممن لم يفعل فعلهم ، ولم يجاهد جهادهم . .