غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (22)

17

وثانيها { خالدين } وثالثها { أبداً } وقال أهل التحقيق : الفرح بالنعمة قد يكون من حيث إنها نعمة وقد يكون من حيث إن المنعم خصه بها كالسلطان إذا أعطى بعض الحاضرين تفاحة مثلاً ، ثم النعمة قد تكون حسية وقد تكون عقلية فقوله { يبشرهم ربهم } إشارة إلى أعلى المراتب وهو مقام العارفين الذين نظرهم على مجرد سماع البشارة لا على المبشر به . وقوله { برحمة منه ورضوان } أشارة المرتبة الوسطى وهم العاكفون على عتبة اللذات الروحانية العقلية . وقوله { جنات } إلى آخره إشارة إلى المرتبة السفلى وهم الواقفون عند ساحات مواقع اللذات الحسيات . وفي تخصيص الرب بالمقام إشارة إلى أن الذين رباكم في الدنيا بالنعم التي لا حد لها يبشركم بخيرات دائمة وسعادات باقية لا حصر لها . ويجوز أن تكون الرحمة إشارة إلى رضا العبد بقضائه فيسهل عليه الغموم والآفات ، والرضوان إشارة إلى رضاه عن العبد فيكون كقوله { ارجعي إلى ربك راضية مرضية } [ الفجر : 28 ] ثم أكد المعاني المذكورة بقوله { الله عنده أجر عظيم } وفي تصدير الجملة الاسمية بأن وفي لفظ «عند » وتقديمه وتنكير «أجر » ووصفه بالعظم مبالغات لا تخفى .

/خ28