معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (56)

قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون } أي : افعلوها على رجاء الرحمة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (56)

46

لذلك يعقب على هذا الوعد بالأمر بالصلاة والزكاة والطاعة ، وبألا يحسب الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وأمته حسابا لقوة الكافرين الذين يحاربونهم ويحاربون دينهم الذي ارتضى لهم :

( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ، وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون . لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض . ومأواهم النار ولبئس المصير ) . .

فهذه هي العدة . . الاتصال بالله ، وتقويم القلب بإقامة الصلاة . والاستعلاء على الشح ، وتطهير النفس والجماعة بإيتاء الزكاة . وطاعة الرسول والرضى بحكمه ، وتنفيذ شريعة الله في الصغيرة والكبيرة ، وتحقيق النهج الذي أراده للحياة : ( لعلكم ترحمون )في الأرض من الفساد والانحدار والخوف والقلق والضلال ، وفي الآخرة من الغضب والعذاب والنكال .

فإذا استقمتم على النهج ، فلا عليكم من قوة الكافرين . فما هم بمعجزين في الأرض ، وقوتهم الظاهرة لن تقف لكم في طريق . وأنتم أقوياء بإيمانكم ، أقوياء بنظامكم ، أقوياء بعدتكم التي تستطيعون . وقد لا تكونون في مثل عدتهم من الناحية المادية . ولكن القلوب المؤمنة التي تجاهد تصنع الخوارق والأعاجيب .

إن الإسلام حقيقة ضخمة لا بد أن يتملاها من يريد الوصول إلى حقيقة وعد الله في تلك الآيات . ولا بد أن يبحث عن مصداقها في تاريخ الحياة البشرية ، وهو يدرك شروطها على حقيقتها ، قبل أن يتشكك فيها أو يرتاب ، أو يستبطى ء وقوعها في حالة من الحالات .

إنه ما من مرة سارت هذه الأمة على نهج الله ، وحكمت هذا النهج في الحياة ، وارتضته في كل أمورها . . إلا تحقق وعد الله بالاستخلاف والتمكين والأمن . وما من مرة خالفت عن هذا النهج إلا تخلفت في ذيل القافلة ، وذلت ، وطرد دينها من الهيمنة على البشرية ؛ واستبد بها الخوف ؛ وتخطفها الأعداء .

ألا وإن وعد الله قائم . ألا وإن شرط الله معروف . فمن شاء الوعد فليقم بالشرط . ومن أوفى بعهده من الله ?

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (56)

ولما قدم تعالى شرط عمل الصالحات بينها في هذه الآية ، فنص على عظمها وهي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وعم بطاعة الرسول لأنها عامة لجميع الطاعات ، و { لعلكم } معناه في حقكم ومعتقدكم ، ثم أنحى القول على الكفرة بأن نبه على أنهم ليسوا بمفلتين من عذاب الله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (56)

عطف على جملة : { يعبدونني لا يشركون بي شيئاً } [ النور : 55 ] لما فيها من معنى الأمر بترك الشرك ، فكأنه قيل : اعبدوني ولا تشركوا وأقيموا الصلاة ، لأن الخبر إذا كان يتضمن معنى الأمر كان في قوة فعل الأمر حتى أنه قد يجزم جوابه كما في قوله تعالى : { تؤمنون بالله ورسوله } إلى قوله : { يغفرْ لكم ذنوبكم } [ الصفّ : 11 12 ] بجزم { يغفرْ } لأن قوله : { تؤمنون } في قوة أن يقول : آمنوا بالله .

والخطاب موجه للذين آمنوا خاصة بعد أن كان موجهاً لأمة الدعوة على حد قوله تعالى : { يوسفُ أعرِضْ عن هذا واستغفري لذنبك } [ يوسف : 29 ] ، فالطاعة المأمور بها هنا غير الطاعة التي في قوله : { قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا } [ النور : 54 ] الخ لأن تلك دعوة للمعرضين وهذه ازدياد للمؤمنين .

وقد جمعت هذه الآية جميع الأعمال الصالحات فأهمها بالتصريح وسائرها بعموم حذف المتعلق بقوله : { وأطيعوا الرسول } أي في كل ما يأمركم وينهاكم .

ورتب على ذلك رجاء حصول الرحمة لهم ، أي في الدنيا بتحقيق الوعد الذي من رحمته الأمن وفي الآخرة بالدرجات العلى . والكلام على ( لعل ) تقدم في غير موضع في سورة البقرة .