في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَا يُفَتَّرُ عَنۡهُمۡ وَهُمۡ فِيهِ مُبۡلِسُونَ} (75)

57

لا يفتر لحظة ، ولا يبرد هنيهة . ولا تلوح لهم فيه بارقة من أمل في الخلاص ، ولا كوة من رجاء بعيد . فهم فيه يائسون قانطون :

( لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَا يُفَتَّرُ عَنۡهُمۡ وَهُمۡ فِيهِ مُبۡلِسُونَ} (75)

لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } أي : ساعة واحدة { وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } أي : آيسون من كل خير ،

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لَا يُفَتَّرُ عَنۡهُمۡ وَهُمۡ فِيهِ مُبۡلِسُونَ} (75)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{لا يفتر عنهم} العذاب طرفة عين.

{وهم فيه} يعني في العذاب {مبلسون} يعني آيسون من كل خير مستيقنين بكل عذاب، مبشرين بكل سوء...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"لا يُفتّر عنهم"، يقول: لا يخفف عنهم العذاب وأصل الفتور: الضعف.

"وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ" يقول: وهم في عذاب جهنم مبلسون، والهاء في فيه من ذكر العذاب. ويُذكر أن ذلك في قراءة عبدالله: «وَهُمْ فِيها مُبْلِسُونَ» والمعنى: وهم في جهنم مبلسون. والمبلس في هذا الموضع: هو الآيس من النجاة، الذي قد قنط فاستسلم للعذاب والبلاء.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{لا يُفتَّر عنهم} يذكر هذا ليُعلم أن النار، وإن أنضجت جلودهم، وأحرقتهم، لا تفتّر التألم عنهم بنضج الجلود، بل تزيد التوجّع والتألم بعد نضج جلودهم واحتراقها على ما كان قبل النضج.

قال بعضهم: المُبلس الذليل الخاضع، وقال الزّجّاج: المبلس هو الساكت عن الكلام كمن لا يرجو الفرح من نطقه؛ لأن من يتكلم فإنما يتكلم لفرح يرجو من نطقه، أو كلام نحوه...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"مبلسون"... الإبلاس: اليأس من الرحمة من شدة الحيرة، يقال أبلس فلان إذا تحير عند انقطاع الحجة...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

الإبلاس من الخيبة ويدل ذلك على أن المؤمنين لا يأس لهم فيها، وإن كانوا في بلائهم فهم على وصف رجائهم؛ يعدون أيامهم إلى أن ينتهي حسابهم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} لا يخفف ولا ينقص، من قولهم: فترت عنه الحمى إذا سكنت عنه قليلاً ونقص حرّها.

والمبلس: اليائس الساكت سكوت يأس من فرج...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما بين إحاطته بهم إحاطة الظرف بمظروفه، وكان من المعلوم أن النار لا تفتر عمن لابسته إلا بمفتر بمنعها بماء يصبه عليها أو تقليل من وقودها أو غير ذلك خرقاً للعادة؛ بين أنه لا يعتريها نقصان أصلاً كما يعهد في عذاب الدنيا؛ لأنهم هم وقودها فقال تعالى: {لا يفتر عنهم} أي لا يقصد إضعافه بنوع من الضعف، فنفي التفتير نفي للفتور من غير عكس.

ولما كان انتظار الفرج مما يخفف عن المتضايق، نفاه بقوله: {وهم فيه مبلسون} أي ساكتون سكوت يأس من النجاة والفرج.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جملة {لا يفتر عنهم} في موضع الحال من {عذاب جهنم} و {يفتر} مضاعف فَتَر، إذا سكن وهو بالتضعيف يتعدّى إلى مفعول. والمعنى: لا يفتِّره أحد.

وجملة {وهم فيه مبلسون} عطف على جملة {إنّ المجرمين في عذاب جهنم خالدون}.

والإبلاس: اليأس والذل، وزاد الزمخشري في معنى الإبلاس قيد السكوت ولم يذكره غيره، والحق أن السكوت من لوازم معنى الإبلاس وليس قيداً في المعنى.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ولما كان من الممكن أن يخفف العذاب الدائمي بمرور الزمان، وتقل شدته تدريجياً، فإنّ الآية التالية تضيف: (لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون)، وعلى هذا فإنّ عذاب هؤلاء دائم من ناحيتي الزمان والشدّة، لأنّ الفتور يعني السكون بعد الحدة، واللين بعد الشدة، والضعف بعد القوّة كما يقول الراغب في مفرداته.

«مبلس» من مادة «إبلاس»، وهي في الأصل الحزن الذي يصيب الإِنسان من شدة التأثر والانزعاج، ولما كان هذا الهم والحزن يدعو الإِنسان إلى السكوت، فقد استعملت مادة الإِبلاس بمعنى السكوت والامتناع عن الجواب أيضاً. ولما كان الإِنسان ييأس من خلاص نفسه ونجاته في الشدائد العصيبة، فقد استعملت هذه المادة في مورد اليأس أيضاً، ولهذا المعنى سمي «إبليسُ» إبليسَ، إذ أنّه آيس من رحمة الله.

على أية حال، فإنّ هاتين الآيتين قد أكدتا على ثلاث مسائل: مسألة الخلود، وعدم تخفيف العذاب، والحزن واليأس المطلق. وما أشد العذاب الذي تمتزج فيه هذه الأُمور الثلاثة وتجتمع.