{ نَبِّئْ عِبَادِي } أي : أخبرهم خبرا جازما مؤيدا بالأدلة ، { أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته ، ومغفرته سَعَوا في الأسباب{[456]} الموصلة لهم إلى رحمته وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها ، لينالوا مغفرته .
و { نبىء } معناه أعلم ، و { عبادي } مفعول ب { نبىء } ، وهي تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل ، ف { عبادي } مفعول و «أن » تسد مسد المفعولين الباقيين واتصف ذلك وهي وما عملت فيه بمنزلة اسم واحد ، ألا ترى أنك إذا قلت أعجبني أن زيداً منطلق إنما المعنى أعجبني انطلاق زيد لأن دخولها إنما هو على جملة ابتداء وخبر فسدت لذلك مسد المفعولين .
قال القاضي أبو محمد : وقد تتعدى { نبىء } إلى مفعولين فقط ومنه قوله تعالى { من أنبأك هذا }{[7183]} [ التحريم : 3 ] ، وتكون في هذا الموضع بمعنى أخبر وعرف ، وفي هذا كله نظر ، وهذه آية ترجية وتخويف ، وروي في هذا المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «لو يعلم العبد قدر عفو الله لنا تورع من حرام ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه »{[7184]} وروي في هذه الآية أن سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى جماعة من أصحابه عند باب بني شيبة في الحرم ، فوجدهم يضحكون ، فزجرهم ووعظهم ثم ولى فجاءه جبريل عن الله ، فقال : يا محمد أتقنط عبادي ؟ وتلا عليه الآية ، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وأعلمهم{[7185]} .
قال القاضي أبو محمد : ولو لم يكن هذا السبب لكان ما قبلها يقتضيها ، إذ تقدم ذكر ما في النار وذكر ما في الجنة فأكد تعالى تنبيه الناس بهذه الآية .
هذا تصدير لذكر القصص التي أريد من التذكير بها الموعظة بما حلّ بأهلها ، وهي قصة قوم لوط وقصة أصحاب الأيكة وقصة ثمود .
وابتدىء ذلك بقصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما فيها من كرامة الله له تعريضاً بالمشركين إذ لم يقتفوا آثاره في التوحيد .
فالجملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً وهو مرتبط بقوله في أوائل السورة : { وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم } [ سورة الحجر : 4 ] .
وابتداء الكلام بفعل الإنباء لتشويق السامعين إلى ما بعده كقوله تعالى : { هل أتاك حديث الجنود } [ سورة البروج : 17 ] ونحوه . والمقصود هو قوله تعالى الآتي : { ونبئهم عن ضيف إبراهيم } [ سورة الحجر : 51 ] . وإنما قدم الأمر بإعلام الناس بمغفرة الله وعذابه ابتداء بالموعظة الأصلية قبل الموعظة بجزئيات حوادث الانتقام من المعاندين وإنجاء من بينهم من المؤمنين لأن ذلك دائر بين أثر الغفران وبين أثر العذاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.