قوله تعالى : { نَبِّئ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم } أثبت الهمزة الساكنة في " نَبِّئ " صورة ، وما أثبت في قوله : " دِفْءٌ " ؛ لأنَّ ما قبلها ساكنٌ ، فهي تحذف كثيراً ، وتلقى حركتها على الساكن قبلها ف " نَبِّئ " في الخط على تحقيق الهمزة ، وليس قبل همزة " نَبِّئ " ساكن ؛ فأخَّروها على قياس الأصل .
وقوله : " أنَا الغَفورُ " يجوز في " أنَا " أن يكون تأكيداً ، أن يكون فصلاً .
وقوله : { هُوَ العذاب } يجوز في " هُوَ " الابتداء ، والفصل ، ولا يجوز التوكيد ؛ إذ المظهر لا يؤكَّد بالمضمر .
ثبت في أصول الفقه أنَّ ترتيب الحكم على الوصف المناسب يشعر بغلبةِ ذلك الوصف ، فهاهنا وصفهم بكونهم عباده ، ثم ذكر عقب هذا الوصف الحكم بكونه غفوراً رحيماً ، وهذا يدلُّ على أنَّ كلَّ من اعترف بالعبودية ، كان في حقِّه غفوراً رحيماً ، ومن أنكر ذلك ، كان مستوجباً للعذاب الأليم .
وفي الآية لطائف : أولها : أنه أضاف العباد إلى نفسه بقوله : " عِبَادي " وهذا تشريفٌ عظيمٌ ، ويدل عليه قوله : { سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ } [ الإسراء : 1 ] .
وثانيها : أنه لما ذكر المغفرة ، والرحمة بالغ في التَّأكيدات بألفاظٍ ثلاثة :
وثالثها : إدخال الألف واللام على قوله : " الغَفُور الرَّحيمُ " ، ولما ذكر العذاب ، لم يقل : إني أنا المعذب ولَمْ يَصفْ نفسهُ بِذلكَ ، بل قال عزَّ وجلَّ : { وأن عَذَابِي هُوَ العذاب الأليم }{[19552]} .
وثالثها : أنه –تعالى- أمر رسوله -صلوات الله وسلامه عليه- أن يبلغ إليهم هذا المعنى ، فكأنه أشهد رسوله على نفسه بالتزام المغفرة ، والرحمة .
ورابعها : أنه –تعالى- لمَّا قال : { نَبِّئ عِبَادِي } كان معناه : كلّ من اعترف بعبوديَّتي ، وهذا يشمل المؤمن ، والعاصي ، وكذلك يدل على تغليب جانب الرحمة من الله –تعالى- .
قال قتادة : بلغنا أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال : " لَو يَعْلمُ العَبدُ قَدْرَ عَفْوِ الله لمَا تورَّع عن حرامٍ ، ولوْ عَلِمَ قدر عِقابِهِ لبَخَعَ نَفْسَهُ " أي : قتلها{[19553]} .
وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه مرَّ بِنفَرٍ من أصحابه ، وهم يضحكُون ، فقال : أتَْضحَكُون وبيْنَ أيديكمُ النَّارُ " فنزَل جِبريلُ -صلوات الله وسلامه عليه- بِهذِهِ الآية ، وقال : " يقول لك يا محمَّد : لِمَ تقنط عِبادِي " {[19554]} .
وقال بان عبَّاسِ -رضي الله عنهما- : معنى : { أَنَا الغفور الرحيم } لمن تاب منهم{[19555]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.