معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَتَوَاصَوۡاْ بِهِۦۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (53)

قال الله تعالى : { أتواصوا به } أي : أوصى أولهم آخرهم وبعضهم بعضاً بالتكذيب وتواطؤوا عليه ؟ والألف فيه للتوبيخ ، { بل هم قوم طاغون } قال ابن عباس : حملهم الطغيان فيما أعطيتهم ووسعت عليهم على تكذيبك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَتَوَاصَوۡاْ بِهِۦۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (53)

يقول الله تعالى : هذه الأقوال التي صدرت منهم -الأولين والآخرين- هل هي أقوال تواصوا بها ، ولقن بعضهم بعضًا بها ؟

فلا يستغرب -بسبب ذلك- اتفاقهم عليها : { أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } تشابهت قلوبهم وأعمالهم بالكفر والطغيان ، فتشابهت أقوالهم الناشئة عن طغيانهم ؟ وهذا هو الواقع ، كما قال تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ } وكذلك المؤمنون ، لما تشابهت قلوبهم بالإذعان للحق وطلبه ، والسعي فيه ، بادروا إلى الإيمان برسلهم وتعظيمهم ، وتوقيرهم ، وخطابهم بالخطاب اللائق بهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَتَوَاصَوۡاْ بِهِۦۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (53)

قوله تعالى : { أتواصوا به } توقيف وتعجيب من توارد نفوس الكفرة في تكذيب الأنبياء على تفرق أزمانهم أي أنهم لم يتواصوا ، لكنهم فعلوا فعل من يتواصى .

والعلة في ذلك أن جميعهم طاغ ، والطاغي : المستعلي في الأرض المفسد العاتي على الله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَتَوَاصَوۡاْ بِهِۦۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ طَاغُونَ} (53)

الاستفهام مستعمل في التعجيب من تواطئهم على هذا القول على طريقة التشبيه البليغ ، أي كأنهم أوصى بعضهم بعضاً بأن يقولوه . فالاستفهام هنا كناية عن لاَزمه وهو التعجيب لأن شأن الأمر العجيب أن يسأل عنه .

والجملة استئناف بياني لأن تماثل هؤلاء الأمم في مقالة التكذيب يثير سؤال سائل عن مَنْشَإِ هذا التشابه .

وضمير { تواصوا } عائد إلى ما سبق من الموصول ومن الضمير الذي أضيف إليه قبلهم ، أي أوصى بعضهم بعضاً حتى بلغت الوصية إلى القوم الحاضرين .

وضمير { به } عائد على المصدر المأخوذ من فعل { إلا قالوا ساحر أو مجنون } [ الذاريات : 52 ] ، أي أتواصوا بهذا القول .

وفعل الوصية يتعدى إلى الموصَى عليه بالباء كقوله تعالى : { وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } [ العصر : 3 ] .

و { بل } إضراب عن مُفاد الاستفهام من التشبيه أو عن التواصي به ، ببيان سبب التواطُؤ على هذا القول فإنه إذا ظهر السبب بطل العجب . أي ما هو بتواصٍ ولكنه تماثل في منشإ ذلك القول ، أي سبب تماثل المقالة تماثل التفكير والدواعي للمقالة ، إذ جميعُهم قوم طاغون ، وأن طغيانهم وكبرياءهم يصدهم عن اتباع رسول يحسبون أنفسهم أعظم منه ، وإذ لا يجدون وصمة يصمونه بها اختلقوا لتنقيصه عِلَلاً لا تدخل تحت الضبط وهي ادعاء أنه مجنون أو أنه ساحر ، فاستووا في ذلك بعلة استوائهم في أسبابه ومعاذيره .

فضمير { هم قوم طاعون } عائد إلى ما عاد إليه ضمير { أتواصوا } .

وفي إقحام كلمة { قوم } إيذان بأن الطغيان راسخ في نفوسهم بحيث يكون من مقومات قوميتهم كما تقدم في قوله تعالى : { لآيات لقوم يعقلون } في سورة البقرة ( 164 ) .