معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّمۡعِ لَمَعۡزُولُونَ} (212)

قوله تعالى : { إنهم عن السمع } أي : عن استراق السمع من السماء ، { لمعزولون } أي : محجوبون بالشهب مرجومون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّمۡعِ لَمَعۡزُولُونَ} (212)

{ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } قد أبعدوا عنه ، وأعدت لهم الرجوم لحفظه ، ونزل به جبريل ، أقوى الملائكة ، الذي لا يقدر شيطان أن يقربه ، أو يحوم حول ساحته ، وهذا كقوله : { إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّمۡعِ لَمَعۡزُولُونَ} (212)

ثم بين أنه لو انبغى{[1]} لهم واستطاعوا حمله وتأديته ، لما وصلوا إلى ذلك ؛ لأنهم بمعزل عن استماع القرآن حال نزوله ؛ لأن السماء ملئت حرسًا شديدًا وشهبا في مُدّة إنزال القرآن على رسوله ، فلم يخلص أحد من الشياطين إلى استماع حرف واحد منه ، لئلا يشتبه الأمر . وهذا من رحمة الله بعباده ، وحفظه لشرعه ، وتأييده لكتابه ولرسوله ؛ ولهذا قال : { إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } ،

كما قال تعالى مخبرًا عن الجن : { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا * وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا } [ الجن : 8 - 10 ] .


[1]:زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّمۡعِ لَمَعۡزُولُونَ} (212)

{ إنهم عن السمع } لكلام الملائكة . { لمعزولون } لأنه مشروط بمشاركة في صفاء الذات وقبول فيضان الحق والانتقاش بالصور الملكوتية ، ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات لا تقبل ذلك والقرآن مشتمل على حقائق ومغيبات لا يمكن تلقيها إلا من الملائكة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّمۡعِ لَمَعۡزُولُونَ} (212)

عطف على جملة : { وإنه لتنزيل ربّ العالمين } [ الشعراء : 192 ] وما بينهما اعتراض استدعاه تناسب المعاني وأخذُ بعضها بحُجز بعض تفنناً في الغرض . وهذا رد على قولهم في النبي صلى الله عليه وسلم هو كاهن قال تعالى : { فذكّر فما أنت بنعمت ربّك بكاهن ولا مجنون } [ الطور : 29 ] ، وزعمهم أن الذي يأتيه شيطان ؛ فقد قالت العوراء بنت حرب امرأةُ أبي لهب لما تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قيام الليل ليلتين لِمرض : أرجو أن يكون شيطانك قد تركك . ولذلك كان من جملة ما راجعهم به الوليد بن المغيرة حين شاوره المشركون فيما يصفون النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : نقول : كلامه كلام كاهن ، فقال : والله ما هو بزمزمته . وكلام الكهان في مزاعمهم من إلقاء الجن إليهم وإنما هي خواطر نفوسهم ينسبونها إلى شياطينهم المزعومة . نُفي عن القرآن أن يكون من ذلك القبيل ، أي الكهان لا يجيش في نفوسهم كلام مثل القرآن فما كان لشياطين الكهان أن يفيضوا على نفوس أوليائهم مثلَ هذا القرآن . فالكهانة من كذب الكهان وتمويههم ، وأخبار الكهان كلها أقاصيص وسَّعها الناقلون .

فالتعريف في { السمع } للعهد وهو ما يعتقده العرب من أن الشياطين تسترق السمع ، أي تتحيّل على الاتصال بعلم ما يجري في الملإ الأعلى . ذلك أن الكهان كانوا يزعمون أن الجن تأتيهم بأخبار ما يقدّر في الملأ الأعلى مما سيظهر حدوثه في العالم الأرضي ، فلذلك نُفي هنا تنزُّلُ الشياطين بكلام القرآن بناء على أن المشركين يزعمون أن الشياطين تنزل من السماء بأخبار ما سيكون . وبيان ذلك تقدم في سورة الحجر ويأتي في سورة الصافات .

استؤنف ب { إنهم عن السمع لمعزولون } فكان ذلك كالفذلكة لما قبله وهو بعمومه يتنزل منزلة التذييل .

والمعزول : المبعد عن أمر فهو في عُزلة عنه . وفي هذا إبطال للكهانة من أصلها وهي وإن كانت فيها شيء من الاتصال بالقوى الروحية في سالف الزمان فقد زال ذلك منذ ظهور الإسلام .