معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ} (15)

قوله تعالى { قال } ، الله تعالى .

قوله تعالى : { إنك من المنظرين } ، المؤخرين ، وبين مدة النظر والمهلة في موضع آخر فقال : { إلى يوم الوقت المعلوم } ، [ الحجر :38 ] وهو النفخة الأولى حين يموت الخلق كلهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ} (15)

ولما كانت حكمة اللّه مقتضية لابتلاء العباد واختبارهم ، ليتبين الصادق من الكاذب ، ومن يطيعه ومن يطيع عدوه ، أجابه لما سأل ، فقال : { إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ} (15)

يقول تعالى مخاطبًا لإبليس بأمر قدري كوني : { فَاهْبِطْ مِنْهَا } أي : بسبب عصيانك لأمري ، وخروجك عن طاعتي ، فما يكون لك أن تتكبر فيها .

قال كثير من المفسرين : الضمير عائد إلى الجنة ، ويحتمل أن يكون عائدًا إلى المنزلة التي هو فيها في الملكوت الأعلى .

{ فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ } أي : الذليلين الحقيرين ، معاملة له بنقيض قصده ، مكافأة لمراده بضده ، فعند ذلك استدرك اللعين وسأل النظرة إلى يوم الدين ، قال : { أَنْظِرْنِي{[11589]} إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِين } أجابه تعالى إلى ما سأل ، لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف ولا تمانع ، ولا مُعَقِّبَ لحكمه ، وهو سريع الحساب .


[11589]:في ك، م: "فأنظرني" وهو خطأ.

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ} (15)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنّكَ مِنَ المُنظَرِينَ } .

وهذه أيضا جهلة أخرى من جهلاته الخبيثة ، سأل ربه ما قد علم أنه لا سبيل لأحد من خلق الله إليه وذلك أنه سأل النظِرَة إلى قيام الساعة ، وذلك هو يوم يبعث فيه الخلق ، ولو أعطي ما سأل من النظرة كان قد أعطي الخلود وبقاءً لا فناءَ معه ، وذلك أنه لا موت بعد البعث . فقال جلّ ثناؤه له : إنّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ وذلك إلى اليوم الذي قد كتب الله عليه فيه الهلاك والموت والفناء لأنه لا شيء يبقى فلا يفني غير ربنا الحيّ الذي لا يموت ، يقول الله تعالى ذكره : كُلّ نَفْس ذَائِقَةُ المَوْتِ . والإنظار في كلام العرب : التأخير ، يقال منه : أنْظَرتُه بحقي عليه ، أُنْظِرُه به إنْظارا .

فإن قال قائل : فإن الله قد قال له إذ سأله الإنظار إلى يوم يُبعثون : إنّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ في هذا الموضع ، فقد أجابه إلى ما سأل ؟ قيل له : ليس الأمر كذلك ، وإنما كان مجيبا له إلى ما سأل لو كان قال له : إنك من المنظرين إلى الوقت الذي سألت ، أو إلى يوم البعث ، أو إلى يوم يبعثون ، أو ما أشبه ذلك مما يدلّ على إجابته إلى ما سأل من النظرة . وأما قوله : إنّكَ مِنَ المُنْظرِينَ فلا دليل فيه لولا الاَية الأخرى التي قد بين فيها مدة إنظاره إياه إليها ، وذلك قوله : فإنّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ على المدة التي أنظره إليها ، لأنه إذا أنظره يوما واحدا أو أقلّ منه أو أكثر ، فقد دخل في عداد المنظرين وتمّ فيه وعد الله الصادق ، ولكنه قد بين قدر مدّة ذلك بالذي ذكرناه ، فعلم بذلك الوقت الذي أنظر إليه . وبنحو ذلك كان السديّ يقول .

حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : قالَ رَبّ فأنْظِرْنِي إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فإنّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إلى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ فلم يُنْظِره إلى يوم البعث ، ولكن أنظَرَه إلى يوم الوقت المعلوم ، وهو يوم ينفخ في الصور النفخة الأولى ، فصَعِق من في السموات ومن في الأرض ، فمات .

فتأويل الكلام : قال إبليس لربه : أنظرني أي أخرني وأجّلْني ، وأنسىءْ في أجلي ، ولا تُمِتْني إلى يوم يُبعثون ، يقول : إلى يوم يُبعث الخلق . فقال تعالى ذكره : إنّكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إلى يوم ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله .

فإن قال قائل : فهل أحد منظر إلى ذلك اليوم سوى إبليس فيقال له إنك منهم ؟ قيل : نعم ، من لم يقبض الله روحه من خلقه إلى ذلك اليوم ممن تقوم عليه الساعة ، فهم من المنظرين بآجالهم إليه ولذلك قيل لإبليس : إنَكَ مِنَ المُنْظَرِينَ بمعنى : الساعة ، فهم من المنظرين بآجالهم إليه ولذلك قيل لإبليس : إنَكَ مِنَ المُنْظَرِينَ إنك ممن لا يميته الله إلا ذلك اليوم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ} (15)

{ قال إنك من المنظرين } يقتضي الإجابة إلى ما سأله ظاهرا لكنه محمول على ما جاء مقيدا بقوله تعالى : { إلى يوم الوقت المعلوم } وهو النفخة الأولى ، أو وقت يعلم الله انتهاء أجله فيه ، وفي إسعافه إليه ابتلاء العباد وتعريضهم للثواب بمخالفته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ} (15)

ومعنى { من المنظرين } من الطائفة التي تأخرت أعمارها كثيراً حتى جاءت آجالها على اختلاف أوقاتها ، فقد عم تلك الفرقة إنظار وإن لم يكونوا أحياء مدة الدهر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ} (15)

قال الله تعالى : { إنك من المنظرين } أي إنّك من المخلوقات الباقية .

وقد أفاد التّأكيد بإنّ والإخبارُ بصيغة { من المنظرين } أنّ إنظاره أمر قد قضاه الله وقدّره من قبللِ سؤاله ، أي تحقّق كونك من الفريق الذين أنظروا إلى يوم البعث ، أي أنّ الله خلق خلقاً وقدّر بقاءهم إلى يوم البعث ، فكشف لإبليس أنّه بعض من جملة المنظرين من قبل حدوث المعصية منه ، وإن الله ليس بمغيّر ما قدّره له ، فجواب الله تعالى لإبليس إخبار عن أمر تَحقّق ، وليسَ إجابة لطلبة إبليس ، لأنّه أهون على الله من أن يجيب له طلَباً ، وهذه هي النّكتة في العدول عن أن يكون الجواب : أنْظرْتك أو أجبت لك ممّا يدلّ على تكرمة باستجابة طلبه ، ولكنّه أعلمه أنّ ما سأله أمر حَاصل فسؤاله تحصيل حاصل .