ثم تمضى السورة فى حديثها عن قصص الأولين ، فتحكى لنا قصة أقوام آخرين مع نبى من أنبيائهم فتقول : { ثُمَّ أَنشَأْنَا . . . } .
أى : ثم أنشأنا من بعد أولئك القوم المغرقين الذين كذبوا نبيهم نوحاً - عليه السلام - ، { قَرْناً آخَرِينَ } غيرهم ، وهم على الأرجح - قوم هود - عليه السلام - بدليل قوله - تعالى - فى آية أخرى فى شأنهم : { واذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ . . } كما أن قصة هود مع قومه ، كثيراً ما تأتى بعد قصة نوح مع قومه .
وقيل : هم قوم صالح - عليه السلام - .
وعلى أية حال فإن سورة " المؤمنون " فى عرضها لقصص الأنبياء تحرص على بيان أن استقبال المكذبين لأنبيائهم كان متشابهاً فى القبح والتكذيب .
وقال - سبحانه - { قَرْناً آخَرِينَ } للإشعار بأنهم كانوا يعيشون فى زمان واحد مع نبيهم ، وأنهم كانوا معاصرين له ، ومشاهدين لأحواله قبل البعثة وبعدها .
قال الطبري رحمه الله : إن هذا «القرن » هم ثمود و «رسولهم » صالح .
قال القاضي أبو محمد : وفي جل الروايات ما يقتضي أن قوم عاد أقدم إلا أَنهم لم يهلكوا بصيحة{[8480]} ، وفي هذا احتمالات كثيرة والله أعلم .
تعقيب قصة نوح وقومه بقصة رسول آخر ، أي أخرى ، وما بعدها من القصص يراد منه أن ما أصاب قوم نوح على تكذيبهم له لم يكن صدفة ولكنه سنة الله في المكذبين لرسله ولذلك لم يعيَّن القرن ولا القرون بأسمائهم .
والقرن : الأمة . والأظهر أن المراد به هنا ثمود لأنه الذي يناسبه قوله في آخر القصة { فأخذتهم الصيحة بالحق } [ المؤمنون : 41 ] ، لأن ثمود أُهلكوا بالصاعقة ولقوله { قال عمَّا قليلٍ لَيُصْبِحُنّ نادمين } [ المؤمنون : 40 ] مع قوله في سورة الحجر ( 83 ) { فأخذتهم الصيحَةُ مصبحين } فكان هلاكهم في الصباح . ولعل تخصيصهم بالذكر هنا دون عاد خلافاً لما تكرر في غير هذه الآية لأن العبرة بحالهم أظهر لبقاء آثار ديارهم بالحِجر كما قال تعالى : { وإنكم لَتَمُرّونَ عليهم مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أفلا تعقلون } [ الصافات : 137 ، 138 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.