ولكن موسى - عليه السلام - لم يخفه هذا التهديد والوعيد . بل رد عليه ردا حكيما فقال له : { أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ } .
والاستفهام للإنكار ، والواو للعطف على كلام مقدر يستدعيه المقام ، والمعنى . أتفعل ذلك بى بأن تجعلنى من المسجونين ، ولو جئتك بشىء مبين ، يدل دلالة واضحة على صدقى فى رسالتى وعلى أنى رسول من رب العالمين ؟
وعبر عن المعجزة التى أيده الله بها بأنها { شَيءٍ مُّبِينٍ } للتهويل من شأنها ، والتفخيم من أمرها ، ولعل مقصد موسى - عليه السلام - بهذا الكلام ، أن يجر فرعون مرة أخرى إلى الحديث فى شأن الرسالة التى جاءه من أجلها بعد أن رآه يريد أن يحول مجرى الحديث عنها إلى التهديد والوعيد ، وأن يسد منافذ الهروب عليه أمام قومه .
لما رأى موسى من مكابرة فرعون عن الاعتراف بدلالة النظر مَا لا مطمع معه إلى الاسترسال في الاستدلال لأنه متعاممٍ عن الحق عدل موسى إلى إظهار آية من خوارق العادة دلالة على صدقه ، وعرض عليه ذلك قبل وقوعه ليسد عليه منافذ ادعاء عدم الرضى بها .
واستفهمه استفهاماً مشوباً بإنكار واستغراب على تقدير عدم اجتزاء فرعون بالشيء المُبين ، وأنه ساجنُه لا محالة إن لم يعترف بإلهية فرعون ، قطعاً لمعذرته من قبل الوقوع . وهذا التقدير دلت عليه { لو } الوصلية التي هي لفرض حالة خاصة . فالواو في قوله : { أولو جئتك } واو الحال ، والمستفهم عنه بالهمزة محذوف دل عليه أن الكلام جواب قول فرعون { لأجعلنك من المسجونين } [ الشعراء : 29 ] والتقدير : أتجعلني من المسجونين والحال لو جئتك بشيء مبين ، إذ القصد الاستفهام عن الحالة التي تضمنها شرط { لو } بأنها أولى الحالات بأن لا يثبت معها الغرض المستفهم عنه على فرض وقوعها وهو غرض الاستمرار على التكذيب ، وهو استفهام حقيقي .
وليست الواو مؤخرة عن همزة الاستفهام لأن لحرف الاستفهام الصدارة بل هي لعطف الاستفهام .
والعامل في الحال وصاحِب الحال مقدّران دل عليهما قوله : { لأجعلنَّك } [ الشعراء : 29 ] ، أي أتجعلني من المسجونين .
ووصفُ « شيء » ب { مبين } اسم فاعل من أبان المتعدي ، أي مُظهرٍ أني رسول من الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.