{ قَالَ } على جهة التلطف به والطمع في إيمانه { أَو لَوْ جِئْتُكَ بشيء مُّبِينٍ } أي تفعل ذلك ولو جئتك بشيء مبين أي موضح لصدق دعواي يريد به المعجزة فإنها جامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته وبين الدلالة على صدق دعوى من ظهرت على يده والتعبير عنها بشيء للتهويل ، والواو للعطف على جملة مقابلة للجملة المذكورة ، ومجموع الجملتين المتعاطفتين في موضع الحال ، و { لَوْ } للبيان تحقيق ما يفيده الكلام السابق من الحكم على كل حال مفروض من الأحوال المقارنة له على الإجمال بإدخالها على أبعدها منه وأشدها منافاة له ليظهر تحققه مع ما عداه من الأحوال بطريق الأولوية أي أتفعل في ذلك حال عدم مجيئي بشيء مبين وحال مجيئي به ، وتصدير المجيء بلو دون إن ليس لبيان استبعاده في نفسه بل بالنسبة إلى فرعون ، وجعل بعضهم الواو للحال على معنى أن الجملة التي بعدها حال أي أتفعل في ذلك جائياً بشيء مبين وهو ظاهر كلام الكشاف هنا ، وظاهر كلام الكشف أن الاستفهام للإنكار على معنى لا تقدر على فعل ذلك مع أنى نبي بالمعجزة ، والظاهر تعلق هذا الكلام بالوعيد الصادر من اللعين فذلك في تفسيره إشارة إلى جعله عليه السلام من المسجونين فكأنه قال : أتجعلني من المسجونين إن اتخذت إلهاً غيرك ولو جئتك بشيء مبين ؟
وعلى ذلك حمل الطيبي كلام الكشاف ثم قال : يمكن أن يقال إن الواو عاطفة وهي تستدعي معطوفاً عليه وهو ما سبق في أول المكالمة بين نبي الله تعالى وعدوه ، والهمزة مقحمة بين المعطوف والمعطوف عليه للتقرير ، والمعنى أتقر بالوحدانية وبرسالتي إن جئتك بعد الاحتجاج بالبراهين القاهرة والمعجزات الباهرة الظاهرة .
و { لَوْ } بمعنى أن عزيز ، ويؤيد هذا التأويل ما في الاعراف { قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيّنَةٍ مّن رَّبّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إسرائيل قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِئَايَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } [ الأعراف : 105 ، 106 ] .
وهو كما ترى . وفيه جعل { مُّبِينٌ } من أبان اللازم بمعنى بان ، وجعله من أبان المتعدي وحذف المفعول كما أشرنا إليه أنسب للمقام ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.