معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} (70)

قوله تعالى : { قال فإن اتبعتني } ، فإن صحبتني ، ولم يقل : اتبعني ولكن جعل الاختيار إليه إلا أنه شرط عليه شرطاً فقال : { فلا تسألني } ، قرأ أبو جعفر ، ونافع وابن عامر ، بفتح اللام وتشديد النون ، والآخرون بسكون اللام وتخفيف النون ، { عن شيء } أعمله فيما تنكره ولا تعترض عليه ، { حتى أحدث لك منه ذكراً } ، حتى أبتدئك بذكره فأبين لك شأنه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} (70)

فحينئذ قال له الخضر : { فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا ْ } أي : لا تبتدئني بسؤال منك وإنكار ، حتى أكون أنا الذي أخبرك بحاله ، في الوقت الذي ينبغي إخبارك به ، فنهاه عن سؤاله ، ووعده أن يوقفه على حقيقة الأمر .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} (70)

وهنا يحكى القرآن الكريم أن الخضر ، قد أكد ما سبق أن قاله لموسى ، وبين له شروطه إذا أراد مصاحبته ، فقال : { قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } . أى : قال الخضر لموسى على سبيل التأكيد والتوثيق : يا موسى إن رافقتنى وصاحبتنى ، ورأيت منى أفعالا لا تعجبك ، لأن ظاهرها يتنافى مع الحق . فلا تعترض عليها ، ولا تناقشنى فيها ، بل اتركنى وشأنى ، حتى أبين لك فى الوقت المناسب السبب فى قيامى بتلك الأفعال ، وحتى أكون أنا الذى أفسره لك .

قالوا : " وهذا من الخضر تأديب وإرشاد لما يقتضى دوام الصحبة ، فلو صبر موسى ودأب لرأى العجب " .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} (70)

أي : ابتداءً { حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا } أي : حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني .

قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب ، عن هارون بن عنترة{[18324]} ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : سأل موسى ربه ، عز وجل ، فقال{[18325]} : رب ، أي عبادك أحب إليك ؟ قال : الذي يذكرني ولا ينساني . قال فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى . قال أي رب ، أي عبادك أعلم ؟ قال الذي يبتغي علم الناس إلى علمه ، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى . قال : أي رب هل في أرضك{[18326]} أحد أعلم مني ؟ قال : نعم . قال : فمن هو ؟ قال الخضر . قال : فأين{[18327]} أطلبه ؟ قال على الساحل عند الصخرة ، التي ينفلت{[18328]} عندها الحوت . قال : فخرج موسى يطلبه ، حتى كان ما ذكر الله ، وانتهى موسى إليه عند الصخرة ، فسلم{[18329]} كل واحد منهما على صاحبه . فقال له موسى : إني أريد أن تصحبني{[18330]} قال إنك لن تطيق{[18331]} صحبتي . قال : بلى . قال : فإن صحبتني { فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا } قال : فسار به في البحر{[18332]} حتى انتهى إلى مجمع البحور{[18333]} ، وليس في الأرض{[18334]} مكان أكثر ماء منه . قال : وبعث الله الخطاف ، فجعل يستقي منه بمنقاره ، فقال لموسى : كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء ؟ قال : ما أقل ما رزأ ! قال : يا موسى فإن علمي وعلمك في علم الله كقَدْر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء . وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه ، أو تكلم به ، فمن ثم أمر أن يأتي الخضر . وذكر تمام الحديث في خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإصلاح الجدار ، وتفسيره له ذلك .

/خ65


[18324]:في ف: "عرة".
[18325]:في ت، ف، أ: "فقال أي".
[18326]:في ت ف، أ: "في الأرض".
[18327]:في ف، أ: "وأين".
[18328]:في ت، ف: "يتفلت".
[18329]:في ت: "وسلم".
[18330]:في ت: "تستصحبنى".
[18331]:في ت: "تستطيع".
[18332]:في ت: "فصار في البحر"، وفي ف، أ: "فسار به إلى البحر".
[18333]:في ف، أ: "البحرين".
[18334]:في ت: "في البحر".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} (70)

{ قال فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء } فلا تفاتحني بالسؤال عن شيء أنكرته مني ولم تعلم وجه صحته . { حتى أُحدث لك منه ذكرا } حتى أبتدئك ببيانه ، وقرأ نافع وابن عامر " فلا تسألنّي " بالنون الثقيلة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} (70)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{قال} الخضر، عليه السلام: {فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا}، يقول: حتى أبين لك بيانه.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تبارك وتعالى: قال العالم لموسى: فإن اتبعتني الآن فلا تسألني عن شيء أعمله مما تستنكره، فإني قد أعلمتك أني أعمل العمل على الغيب الذي لا تحيط به علما "حتى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرا "يقول: حتى أحدث أنا لك مما ترى من الأفعال التي أفعلها التي تستنكرها أذكرها لك وأبين لك شأنها، وأبتدئك الخبر عنها...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والصَّبْرُ: تَجَرُّعُ مرارةٍ تَمنَع النّفْسَ عما تُنازِع إليه. وأصلُه حَبْسُ النّفْسِ عن أمرٍ من الأمور.

والذِّكْر: العِلْمُ، والذِّكر إدراكُ النّفْسِ للمعنى بحضوره كحضور نقيضِه، ويمكن أن يُجامِعَه عِلمٌ يَصْحَبُه أو جهلٌ أو شكٌّ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

«فلا تَسْأَلَنِّي»...، يعني: فمِنْ شرْط اتباعِك لي أنك إذا رأيتَ مني شيئاً -وقد عَلِمتَ أنه صحيحٌ إلاّ أنه غُبي عليك وجهُ صحّتِه فحَمِيتَ وأَنكرتَ في نفسك- أن لا تُفاتحَني بالسؤال، ولا تُراجِعَني فيه، حتى أكون أنا الفاتح عليك... وهذا من آداب المتعلِّمِ مع العالِم والمتبوعِ مع التابع...

.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

فقَوَّى الخضرُ وَصاتَه وأمَرَه بالإمساك عن السؤال والإِكْنانِ لِمَا يراه حتى يَبتدئه الخضرُ لِشرْح ما يجب شرْحُه...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

وهذا من الخضر تأديبٌ وإرشادٌ لِمَا يَقتضي دوامَ الصُّحْبةِ، فلو صَبَرَ ودَأَبَ لَرَأى العَجَبَ، لكنه أَكثَرَ من الاعتراض فتَعَيَّنَ الفِراقُ والإِعراضُ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فإنِ اتَّبَعْتَني} يا موسى اتِّباعاً بليغاً {فلا تَسْأَلَنِّي عن شيءٍ} أقولُه أو أفعلُه {حتى أُحْدِثَ لك} خاصّةً {منه ذِكْراً} يُبَيِّنُ لك وجهَ صوابِه، فإنّي لا أُقْدِمُ على شيءٍ إلا وهو صوابٌ جائزٌ في نفس الأمر وإنْ كان ظاهرُه غيرَ ذلك...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وأكّد النهيَ بحرف التوكيد تحقيقاً لحصول أَكمَلِ أحوالِ المتعلم مع المعلم، لأن السؤال قد يصادِف وقتَ اشتغالِ المسؤولِ بإكمال عملِه فتَضِيقُ له نفسُه، فربما كان الجواب عنه بدون شَرَهِ نفْسٍ، وربما خالَطه بعضُ القلق فيكون الجواب غير شافٍ، فأراد الخضرُ أن يَتولَّى هو بيانَ أعمالِه في الإبّان الذي يراه مناسباً ليكون البيانُ أَبْسَطَ والإقبالُ أَبْهَجَ فيزيد الاتصالُ بين القرينَيْن...

والذِّكْر، هنا: ذِكْرُ اللِّسانِ...

أعني بيانَ العِلل والتوجيهاتِ وكشْفَ الغَوامِضِ. وإحْداثُ الذِّكْر: إنشاؤه وإبرازُه...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

وهذا تأكيد من الخضر لموسى، وبيان للطريقة التي يجب اتباعها في مصاحبته: إن تبعتني فلا تسألني حتى أخبرك، وكأنه يعلمه أدب تناول العلم والصبر عليه، وعدم العجلة لمعرفة كل أمر من الأمور على حدة.