تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡـَٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا} (70)

أي : ابتداءً { حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا } أي : حتى أبدأك أنا به قبل أن تسألني .

قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب ، عن هارون بن عنترة{[18324]} ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : سأل موسى ربه ، عز وجل ، فقال{[18325]} : رب ، أي عبادك أحب إليك ؟ قال : الذي يذكرني ولا ينساني . قال فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى . قال أي رب ، أي عبادك أعلم ؟ قال الذي يبتغي علم الناس إلى علمه ، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى . قال : أي رب هل في أرضك{[18326]} أحد أعلم مني ؟ قال : نعم . قال : فمن هو ؟ قال الخضر . قال : فأين{[18327]} أطلبه ؟ قال على الساحل عند الصخرة ، التي ينفلت{[18328]} عندها الحوت . قال : فخرج موسى يطلبه ، حتى كان ما ذكر الله ، وانتهى موسى إليه عند الصخرة ، فسلم{[18329]} كل واحد منهما على صاحبه . فقال له موسى : إني أريد أن تصحبني{[18330]} قال إنك لن تطيق{[18331]} صحبتي . قال : بلى . قال : فإن صحبتني { فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا } قال : فسار به في البحر{[18332]} حتى انتهى إلى مجمع البحور{[18333]} ، وليس في الأرض{[18334]} مكان أكثر ماء منه . قال : وبعث الله الخطاف ، فجعل يستقي منه بمنقاره ، فقال لموسى : كم ترى هذا الخطاف رزأ من هذا الماء ؟ قال : ما أقل ما رزأ ! قال : يا موسى فإن علمي وعلمك في علم الله كقَدْر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء . وكان موسى قد حدث نفسه أنه ليس أحد أعلم منه ، أو تكلم به ، فمن ثم أمر أن يأتي الخضر . وذكر تمام الحديث في خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإصلاح الجدار ، وتفسيره له ذلك .

/خ65


[18324]:في ف: "عرة".
[18325]:في ت، ف، أ: "فقال أي".
[18326]:في ت ف، أ: "في الأرض".
[18327]:في ف، أ: "وأين".
[18328]:في ت، ف: "يتفلت".
[18329]:في ت: "وسلم".
[18330]:في ت: "تستصحبنى".
[18331]:في ت: "تستطيع".
[18332]:في ت: "فصار في البحر"، وفي ف، أ: "فسار به إلى البحر".
[18333]:في ف، أ: "البحرين".
[18334]:في ت: "في البحر".