{ حتى أَتَانَا اليقين } أى : حتى أدركنا الموت ، ورأينا بأعيننا صدق ما كنا نكذب به .
فأنت ترى أن هؤلاء المجرمين قد اعترفوا بأن الإِلقاء بهم فى سقر لم يكن على سبيل الظالم لهم ، وإنما كان بسبب تركهم للصلاة وللإِطعام ، وتعمدهم ارتكاب الباطل من الأقوال والأفعال ، وتكذيبهم بيوم القياة وما فيه من حساب وجزاء .
كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ } يعني : الموت . كقوله : { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [ الحجر : 99 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما هو - يعني عثمان بن مظعون - فقد جاءه اليقين من ربه " . {[29527]}
و { اليقين } معناه عندي صحة ما كانوا يكذبون به من الرجوع إلى الله تعالى والدار الآخرة ، وقال المفسرون : { اليقين } الموت ، وذلك عندي هنا متعقب لأن نفس الموت يقين عند الكافر وهو حي ، فإنما { اليقين } الذي عنوا في هذه الآية الشيء الذي كانوا يكذبون به وهم أحياء في الدنيا فتيقنوه بعد الموت . وإنما يتفسر اليقين بالموت في قوله تعالى : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين }{[11450]} [ الحجر : 99 ] .
و { اليقين } : اسم مصدر يَقِن كفَرِح ، إذا علم علماً لا شك معه ولا تردد .
وإتيانه مستعار لحصوله بعد أن لم يكن حاصلاً ، شبه الحُصول بعد الانتفاء بالمجيء بعد المغيب .
والمعنى : حتى حصل لنا العلم بأن ما كنا نكذب به ثابت ، فقوله : { حتى أتانا اليقين } على هذا الوجه غاية لجملة { نكذب بيوم الدين .
ويطلق اليقين أيضاً على الموت لأنه معلوم حصوله لكل حيّ فيجوز أن يكون مراداً هنا كما في قوله تعالى : { واعبد رَبّك حتى يأتيك اليقين } [ الحجر : 99 ] . فتكون جملة { حتى أتانا اليقين } غاية للجمل الأربع التي قبلها من قوله : { لم نَكْ من المصلين } إلى { بيوم الدين .
والمعنى : كنا نفعل ذلك مدة حياتنا كلها .
وفي الأفعال المضارعة في قوله : لم نك ، ونخوض ، ونكذب } إيذان بأن ذلك ديدنهم ومتجدد منهم طول حياتهم .
وفي الآية إشارة إلى أن المسلم الذي أضاع إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مستحق حظّاً من سقر على مقدار إضاعته وعلى ما أراد الله من معادلة حسناته وسيئاته ، وظواهره وسرائره ، وقبل الشفاعة وبعدها .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
قالوا: حتى أتانا الموت الموقن به.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أي حتى أيقنا أنا كنا على باطل في ما كنا نخوض فيه.
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
و {اليقين} معناه عندي صحة ما كانوا يكذبون به من الرجوع إلى الله تعالى والدار الآخرة، وقال المفسرون: {اليقين} الموت، وذلك عندي هنا متعقب لأن نفس الموت يقين عند الكافر وهو حي، فإنما {اليقين} الذي عنوا في هذه الآية الشيء الذي كانوا يكذبون به وهم أحياء في الدنيا فتيقنوه بعد الموت.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
والمجرمون يقولون: إننا ظللنا على هذه الأحوال، لا نصلي، ولا نطعم المسكين، ونخوض مع الخائضين، ونكذب بيوم الدين..
(حتى أتانا اليقين).. الموت الذي يقطع كل شك وينهي كل ريب، ويفصل في الأمر بلا مرد.. ولا يترك مجالا لندم ولا توبة ولا عمل صالح.. بعد اليقين..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
و {اليقين}: إذا علم علماً لا شك معه ولا تردد.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ولكن ذهب البعض إلى أنّ اليقين هنا يعني المعرفة الحاصلة بعد موت الإنسان وهي التي تختص بمسائل البرزخ والقيامة، وهذا ما يتفق نوعاً ما مع التّفسير الأوّل.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.