معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ} (7)

قوله تعالى : { وحفظاً من كل شيطان مارد } متمرد يرمون بها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ} (7)

والثانية : حراسة السماء عن كل شيطان مارد ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ} (7)

قوله - سبحانه - : { وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } ينان لبما أحاط به - سبحانه - السماء الدنيا من حفظ ورعاية .

ولفظ " حفظا " منصوب على المصدرية بإضمار فعل قبله . أى وحفظناها حفظا ، أو معطوف على محل " بزينة " .

والشيطان : كل متمرد من الجن والإِنس والدواب . والمراد به هنا : المتمرد من الجن .

والمارد : الشديد العتو والخروج عن طاعة الله - تعالى - المتعرى من كل خير .

أى : إنا جعلنا السماء الدنيا مزينة بالكواكب وضيائها ، وجعلناها كذلك محفوظة من كل شيطان متجرد من الخير ، خارج عن طاعتنا ورحمتنا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ} (7)

ثم تقرر الآية التالية أن لهذه الكواكب وظيفة أخرى ، وأن منها شهباً ترجم بها الشياطين كي لا تدنو من الملأ الأعلى :

( وحفظاً من كل شيطان مارد . لا يسمعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب دحوراً ولهم عذاب واصب . إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ) . .

فمن الكواكب رجوم تحفظ السماء من كل شيطان عات متمرد

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ} (7)

وقوله هاهنا : { وَحِفْظًا } تقديره : وحفظناها حفظًا ، { مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ } يعني : المتمرد العاتي إذا أراد أن يسترق السمع ، أتاه شهاب ثاقب فأحرقه . ولهذا قال : { لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإ الأعْلَى }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ} (7)

وقوله : وَحِفْظا يقول تعالى ذكره : وَحِفْظا للسماء الدنيا زيناها بزينة الكواكب .

وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب قوله : وَحِفْظا فقال بعض نحويي البصرة : قال وحفظا ، لأنه بدل من اللفظ بالفعل ، كأنه قال ، وحفظناها حفظا . وقال بعض نحويي الكوفة : إنما هو من صلة التزيين أنا زينا السماء الدنيا حفظا لها ، فأدخل الواو على التكرير : أي وزيناها حفظا لها ، فجعله من التزيين وقد بيّنا القول فيه عندنا . وتأويل الكلام : وحفظا لها من كل شيطان عات خبيث زيناها ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَحِفْظا يقول : جعلتها حفظا من كلّ شيطان مارد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ} (7)

وانتصب { حفظاً } بالعطف على { بِزِينَةٍ الكواكِبِ } عطفاً على المعنى كما ذهب إليه في « الكشاف » وبَيَّنه ما بيَّناه آنفاً من أن قوله : { بِزِينَةٍ الكواكِبِ } في قوة أن يقال : بالكواكب زينةً ، وعامله { زَيَّنَّا .

والحفظ من الشياطين حكمة من حكم خلق الكواكب في علم الله تعالى لأن الكواكب خُلقت قبل استحقاق الشياطين الرجم فإن ذلك لم يحصل إلا بعد أن أُطرد إبليس من عالم الملائكة فلم يحصل شرط اتحاد المفعول لأجْله مع عامله في الوقت ، وأبو علي الفارسي لا يرى اشتراط ذلك . ولعل الزمخشري يتابعه على ذلك حيث جعله مفعولاً لأجله وهو الحق لأنه قد يكون على اعتباره علّة مقدرة كما جوز في الحال أن تكون مقدرة . ولك أن تجعل حفظاً } منصوباً على المفعول المطلق الآتي بدلاً من فعله فيكون في تقدير : وحَفِظنا ، عطفاً على { زَيَّنَّا } أي حفظنا بالكواكب من كل شيطان مارد . وهذا قول المبرد . والمحفوظ هو السماء ، أي وحفظناها بالكواكب من كل شيطان .

وليس الذي به الحفظ هو جميع الذي به التزيين بل العلة موزعة فالذي هو زينة مشاهَد بالأبصار ، والذي هو حفظ هو المبين بقوله : { فأتْبعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } [ الصافات : 10 ] .

ومعنى كون الكواكب حفظاً من الشياطين أن من جملة الكواكب الشهبَ التي تُرجم بها الشياطين عند محاولتها استراق السمع فتفرّ الشياطين خشية أن تصيبها لأنها إذا أصابت أشكالها اخترقتها فتفككت فلعلها تزول أشكالها بذلك التفكك فتنعدم بذلك قوام ماهيتها أو تتفرق لحظة لم تلتئم بعد فتتألَّم من ذلك الخرق والالتئام فإن تلك الشهب التي تلوح للناظر قطعاً لامعة مثل النجوم جارية في السماء إنما هي أجسام معدنية تدور حول الشمس وعندما تقرب إلى الأرض تتغلب عليها جاذبية الأرض فتنزعها من جاذبية الشمس فتنقضّ بسرعة نحو مرْكز الأرض ولشدة سرعة انقضاضها تولد في الجو الكروي حرارة كافية لإِحراق الصغار منها وتَحمَى الكبار منها إلى درجة من الحرارة توجب لمعانها وتسقط حتى تقع على الأرض في البحر غالباً وربما وقعت على البَر ، وقد يعثر عليها بعض الناس إذ يجدونها واقعة على الأرض قطعاً معدنية متفاوتة وربما أحرقت ما تصيبه من شجر أو منازل .

وقد أرخ نزول بعضها سنة ( 616 ) قبل ميلاد المسيح ببلاد الصين فكسر عدة مركبات وقتل رجالاً ، وقد ذكرها العرب في شعرهم قبل الإِسلام قال دَوس بن حَجر يصف ثوراً وحشياً :

فانقضّ كالدَّريّ يتبعه *** نقع يثور تخالُه طُنبا

وقال بشر بن خازم أبي خازم أنشده الجاحظ في « الحيوان »

والعَيْرُ يُرهقها الخَبَارَ وَجَحْشُها *** ينقض خلفهما انقاضا الكواكب{[346]}

وفي سنة ( 944 ) سجل مرور كريات نارية في الجو أحرقت بيوتاً عدة . وسقطت بالقطر التونسي مرتين أو ثلاث مرات ، منها قطعة سقطت في أوائل هذا القرن وسط المملكة أحسب أنها بجهات تالة ورأيت شظيّة منها تشبه الحديد ، والعامة يحسبونها صاعقة ويسمّون ذلك حجر الصاعقة ، وتساقطها يقع في الليل والنهار ولكنا لا نشاهد مرورها في النهار لأن شعاع الشمس يحجبها عن الأنظار .

ومما علمت من تدحرج هذه الشهب من فلك الشمس إلى فلك الأرض تبين لك سبب كونها من السماء الدنيا وسبب اتصالها بالأجرام الشيطانية الصاعدة من الأرض تتطلب الاتصال بالسماوات . وقد سُميت شهباً على التشبيه بقبس النار وهو الجمر ، وقد تقدم في قوله تعالى : { أو آتيكم بشهاب قبس } في سورة [ النمل : 7 ] .

والمارد : الخارج عن الطاعة الذي لا يلابس الطاعة ساعة قال تعالى : { ومن أهل المدينة مردوا على النفاق } [ التوبة : 101 ] . وفي وصفه بالمارد إشارة إلى أن ما يصيب إخوانه من الضرّ بالشهب لا يعظه عن تجديد محاولة الاستراق لما جبل عليه طبعه الشيطاني من المداومة على تلك السجايا الخبيثة كما لا ينزجر الفراش عن التهافت حول المصباح بما يصيب أطراف أجنحته من مسّ النار .


[346]: - الخبار بفتح الخاء المعجمة: الأرض الرخوة.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَحِفۡظٗا مِّن كُلِّ شَيۡطَٰنٖ مَّارِدٖ} (7)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

متمرد على الله عز وجل في المعصية.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"وَحِفْظا" يقول تعالى ذكره: وَحِفْظا للسماء الدنيا زيناها بزينة الكواكب...

وتأويل الكلام: وحفظا لها من كل شيطان عات خبيث زيناها...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ}: خبيث خال عن الخير...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

الحفظ: المنع من ذهاب الشيء، ومنه حفظ القرآن بالدرس المانع من ذهابه.

المارد: الخارج إلى الفساد العظيم، وهو وصف للشياطين وهم المردة، وأصله الانجراد...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

خص تعالى السماء الدنيا بالذكر لأنها التي تباشر بأبصارنا، وأيضاً فالحفظ من الشيطان إنما هو فيها وحدها.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

لما أخبر أن الملائكة تنزل بالوحي من السماء، بين أنه حرس السماء عن استراق السمع بعد أن زينها بالكواكب.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان كون الشيء الواحد لأشياء متعددة أدل على القدرة وأظهر في العظمة، قال دالاً بالعطف على غير معطوف عليه ظاهر على مقدر، يدل على أن الزينة بالنجوم أمر مقصود لا اتفاقي: {وحفظاً} أي زيناها بها للزينة وللحفظ.

ولما كان القصد التعميم في الحفظ من كل عاتٍ سواءٍ كان بالغاً في العتو أو لا قال: {مارد} أي مجرد عن الخير عاتٍ في كل شر سواء كان بالغاً في ذلك أقصى الغايات أو كان في أدنى الدرجات كضارب وضراب...

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

حفظنا السماء أن يتطاول لدرك جمالها، وفهم محاسن نظامها، الجهال والشياطين المتمردون من الجن والإنس؛ لأنهم غافلون عن آياتنا، معرضون عن التفكر في عظمتها، فالعيون مفتحة، ولكن لا تبصر الجمال ولا تفكر فيه، حتى تعتبر بها فيه...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الحفظ من الشياطين حكمة من حكم خلق الكواكب في علم الله تعالى؛ لأن الكواكب خُلقت قبل استحقاق الشياطين الرجم، فإن ذلك لم يحصل إلا بعد أن أُطرد إبليس من عالم الملائكة، ومعنى كون الكواكب حفظاً من الشياطين أن من جملة الكواكب الشهبَ التي تُرجم بها الشياطين عند محاولتها استراق السمع، فتفرّ الشياطين خشية أن تصيبها لأنها إذا أصابت أشكالها اخترقتها فتفككت، فلعلها تزول أشكالها بذلك التفكك فتنعدم بذلك قوام ماهيتها أو تتفرق لحظة لم تلتئم بعد، فتتألَّم من ذلك الخرق والالتئام.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

ثم للكواكب مهمة أخرى: {وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ} يعني: تحفظنا هذه الكواكب من الشياطين؛ لأنها تنقضّ على الشياطين فتحرقها، وهذا النوع يُسمُّونه النيازك، أما زينة الكواكب فباقية لأنها لا دَخْل لها بهذه المسألة، أما النجوم المخصصة للشيطان المارد، فلا بُدَّ أنْ تتناقص.

ومعنى (المارد) أي: المتمرد على منهج ربه، لأنه وارث لإبليس، يقف من ذريته نفس الموقف الذي وقفه إبليس من آدم، فإنْ قلْتَ: الله تعالى يريد أن يسود منهجه الكونَ، ليسود السلامُ والأَمْن والطمأنينة، فلماذا إذن يخلق الشيطان المارد؟ نقول: ليُوصِّل الإيمان في النفس المؤمنة مع وجود المخالف، وإلا فما الميزة إذا كان الجميع مؤمنين طائعين، إذن: لابُدَّ أنْ نُصفي أهل الإيمان، وأنْ نُمحِّصهم لنعلم أهل الثبات، لأنهم سيحملون دعوة يظل نداؤها إلى أنْ تقومَ الساعة، فهذه لا يحملها ألا أولو العزم.