بين تعالى ذكره : ما ذلك الذي إليه ينقلبون ويصيرون في الاَخرة ، فقال : ( جَهَنّمَ يَصْلَوْنَها ) فترجم عن جهنم بقوله : ( لَشَرّ مآبٍ ) ومعنى الكلام : إن للكافرين لشرّ مَصِير يصيرون إليه يوم القيامة ، لأن مصيرهم إلى جهنم ، وإليها منقلبهم بعد وفاتهم فَبِئْسَ المِهادُ ، يقول تعالى ذكره : فبئس الفراش الذي افترشوه لأنفسهم جهنم .
وجملة { يَصْلَونَهَا } حال من { جَهَنَّمَ } وهي حال مؤكدة لمعنى اللام الذي هو عامل في « الطاغين » فإن معنى اللام أنهم تختصّ بهم جهنم واختصاصها بهم هو ذَوْق عذابها لأن العذاب ذاتي لجهنم .
والطاغي : الموصوف بالطغيان وهو : مجاوزة الحد في الكِبر والتعاظم . والمراد بهم عظماء أهل الشرك لأنهم تكبَّروا بعظمتهم على قبول الإِسلام ، وأعرضوا عن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم بكبر واستهزاء ، وحكموا على عامة قومهم بالابتعَاد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين وعن سماع القرآن ، وهم : أبو جهل وأميةُ بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، والعاصي بن وائل وأضرابهم .
والفاء في { فَبِئْسَ المِهَادُ } لترتيب الإِخبار وتسببه على ما قبله ، نظير عطف الجمل ب ( ثُمّ ) وهي كالفاء في قوله تعالى : { فلم تقتلوهم } [ الأنفال : 17 ] بعد قوله : { فلا تولوهم الأدبار } في سورة [ الأنفال : 15 ] . وهذا استعمال بديع كثير في القرآن وهو يندرج في استعمالات الفاء العاطفة ولم يكشف عنه في « مغني اللبيب » .
والمعنى : جهنم يصلونها ، فيتسبب على ذلك أن نذكر ذَم هذا المقرّ لهم ، وعبر عن جهنم ب { المِهَادُ } على وجه الاستعارة ، شبه ما هم فيه من النار من تحتهم بالمهاد وهو فراش النائم كقوله تعالى : { لهم من جهنم مهاد } [ الأعراف : 41 ] .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
أخبر بالمرجع فقال: {جهنم يصلونها فبئس المهاد}: ما مهدوا لأنفسهم من العذاب.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
بين تعالى ذكره: ما ذلك الذي إليه ينقلبون ويصيرون في الاَخرة، فقال:"جَهَنّمَ يَصْلَوْنَها" فترجم عن جهنم بقوله: "لَشَرّ مآبٍ "ومعنى الكلام: إن للكافرين لشرّ مَصِير يصيرون إليه يوم القيامة، لأن مصيرهم إلى جهنم، وإليها منقلبهم بعد وفاتهم، "فَبِئْسَ المِهادُ"، يقول تعالى ذكره: فبئس الفراش الذي افترشوه لأنفسهم جهنم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
إنما وصف جهنم بأنها مهاد لما كانت عوضا لهم عن المهاد، فسميت باسمه، وقال قوم: هو على تقدير بئس موضع المهاد، والمهاد: الفراش الموطأة، تقول: مهدت له تمهيدا...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
يدخلونها فتغمرهم من جميع جوانبهم {فَبِئْسَ الْمِهَادُ}...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{جهنم}: الشديدة الاضطرام الملاقية لمن يدخلها بغاية العبوسة والتجهم.
ولما كان اختصاصهم بها ليس بصريح في عذابهم، استأنف التصريح به في قوله: {يصلونها}: يدخلونها فيباشرون شدائدها.
ولما أفهم هذا غاية الكراهة لها وأنه لا فراش لهم غير جمرها، فكان التقدير: فيكون مهاداً لهم لتحيط بهم فيعمهم صليها، سبب عنه قوله: {فبئس المهاد}: الفراش هي، فإن فائدة الفراش تنعيم الجسد، وهذه تذيب الجلد واللحم ثم يعود في الحال كلما ذاب عاد عقوبة لهم؛ ليريهم الله ما كانوا يكذبون به من الإعادة في كل وقت دائماً أبداً، كما كانوا يعتقدون ذلك دائماً أبداً، جزاء وفاقاً عكس ما لأهل الجنة من التنعيم والتلذيذ، بإعادة كل ما قطعوا من فاكهتها وأكلوا من طيرها؛ لأنهم يعتقدون الإعادة فنالوا هذه السعادة...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وجملة {يَصْلَونَهَا} حال من {جَهَنَّمَ} وهي حال مؤكدة لمعنى اللام الذي هو عامل في« الطاغين» فإن معنى اللام أنهم تختصّ بهم جهنم واختصاصها بهم هو ذَوْق عذابها لأن العذاب ذاتي لجهنم.
والفاء في {فَبِئْسَ المِهَادُ} لترتيب الإِخبار وتسببه على ما قبله، نظير عطف الجمل ب (ثُمّ) وهي كالفاء في قوله تعالى: {فلم تقتلوهم} [الأنفال: 17] بعد قوله: {فلا تولوهم الأدبار} في سورة [الأنفال: 15] وهذا استعمال بديع كثير في القرآن وهو يندرج في استعمالات الفاء العاطفة ولم يكشف عنه في « مغني اللبيب».
والمعنى: جهنم يصلونها، فيتسبب على ذلك أن نذكر ذَم هذا المقرّ لهم.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
الظاهر أنّ عبارة (يصلونها): يدخلون في جهنّم ويحترقون بنيرانها، يراد منها بيان أن لا يتصوّر أحدهم أنّه سيرى جهنّم من مسافة بعيدة، أو أنّه سيستقرّ بالقرب منها، كلاّ، بل إنّه سيرد إلى داخلها، ولا يتصوّر أحدهم أنّه سيعتاد على نار جهنّم ومن ثم يستأنس بها، كلاّ، فإنّه يحترق فيها على الدوام...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.