معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ} (63)

قوله تعالى : { أفرأيتم ما تحرثون } يعني : تثيرون من الأرض وتلقون فيها من البذر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ} (63)

{ 63-67 } { أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ * إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ }

وهذا امتنان منه على عباده ، يدعوهم به إلى توحيده وعبادته والإنابة إليه ، حيث أنعم عليهم بما يسره لهم من الحرث للزروع والثمار ، فتخرج من ذلك من الأقوات والأرزاق والفواكه ، ما هو من ضروراتهم وحاجاتهم ومصالحهم ، التي لا يقدرون أن يحصوها ، فضلا عن شكرها ، وأداء حقها ، فقررهم بمنته ، فقال :

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ} (63)

ثم انتقتل السورة الكريمة إلى بيان الدليل الثانى على صحة البعث وإمكانيته . فقال - تعالى - : { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزارعون لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } .

والحرث : شق الأرض من أجل زراعتها ، والمراد به هنا : وضع البذر فيها بعد حرثها .

أى : أخبرونى عن البذور التى تلقون بها فى الأرض بعد حرثها ، أأنتم الذين تنبتونها وتصيرونها زرعا بهيجا نضرا أم نحن الذين نفعل ذلك ؟ لا شك أنا نحن الذين نصير هذه البذور زروعا ونباتا يانعا ، ولو نشاء لجعلنا هذا النبات { حُطَاماً } أى مكسرا مهشما يابسا لا نفع فيه ، فظللتم بسبب ذلك { تَفَكَّهُونَ } أى : فصرتم بسبب ما أصاب زرعكم من هلاك ، تتعجبون مما أصابه ، وتتحسرون على ضياع أموالكم ، وتندمون على الجهد الذى بذلتموه من غير فائدة . . .

وأصل التفكه : التنقل فى الأكل من فاكهة إلى أخرى ، ثم استعير للتنقل من حديث إلى آخر ، وهو هنا ما يكون من أحاديثهم المتنوعة بعد هلاك الزرع .

والمراد بالتفكه هنا : التعجب والندم والتحسر على ما أصابهم .

وقوله - سبحانه - : { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } مقول لقول محذوف . أى : فصرتم بسبب تحطيم زروعكم تتعجبون ، وتقولون على سبيل التحسر : إنا لمهلكون بسبب هلاك أقواتنا ، من الغرام بمعنى الهلاك . أو إنا لمصابون بالغرم والاحتياج والفقر ، بسبب ما أصاب زرعنا . من الغرم وهو ذهاب المال بلا مقابل .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ} (63)

وقوله : أفَرأيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ يقول تعالى ذكره : أفرأيتم أيها الناس الحرث الذي تحرثونه أأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ يقول : أأنتم تصيرونه زرعا ، أم نحن نجعله كذلك ؟ وقد :

حدثني أحمد بن الوليد القرشي ، قال : حدثنا مسلم بن أبي مسلم الحرميّ ، قال : حدثنا مخلد بن الحسين ، عن هاشم ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تَقُولَنّ زَرَعْتُ وَلَكِنْ قُلْ حَرَثْتُ » قال أبو هريرة ألم تسمع إلى قول الله : «أفُرأيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ ءأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ ؟ » .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ} (63)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"أفَرأيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ "يقول تعالى ذكره: أفرأيتم أيها الناس الحرث الذي تحرثونه، "أأنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ" يقول: أأنتم تصيرونه زرعا، أم نحن نجعله كذلك؟

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{أفرأيتم ما تحرثون} {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} يحتمل وجهين:

أحدهما: جائز أن يكون هذا صلة ما تقدم من قوله: {أفرأيتم ما تمنون} كأنه يقول: {أفرأيتم ما تحرثون} أأنتم تخلقون الزرع، أم نحن الخالقون له؟ فيكون فيه الذي ذكرنا في ذلك، والله أعلم.

والثاني: {أفرأيتم ما تحرثون} أأنتم جعلتم الحراثة بحيث ينبت أم نحن الجاعلون بحيث ينبت؟...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{أَفَرَءَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ} الآية. فأضاف الحرث إليهم والزرع إليه تعالى، لأن الحرث فعلهم ويجري على اختيارهم، والزرع من فعل الله وينبت على اختياره لا على اختيارهم، وتتضمن هذه الآية أمرين:

أحدهما: الامتنان عليهم بأن أنبت زرعهم حتى عاشوا به ليشكروه على نعمته عليهم. الثاني: البرهان الموجب للاعتبار بأنه لما أنبت زرعهم بعد تلاشي بذوره وانتقاله إلى استواء حاله، من العفن والتثريب حتى صار زرعاً أخضر، ثم جعله قوياً مشتداً أضعاف ما كان عليه، فهو بإعادة من أمات أحق وعليه أقدر، وفي هذا البرهان مقنع لذوي الفطر السليمة.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{أفرأيتم ما تحرثون، أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} ذكر بعد دليل الخلق دليل الرزق فقوله: {أفرأيتم ما تمنون} إشارة إلى دليل الخلق وبه الابتداء، وقوله: {أفرأيتم ما تحرثون} إشارة إلى دليل الرزق وبه البقاء، وذكر أمورا ثلاثة المأكول، والمشروب، وما به إصلاح المأكول، ورتبه ترتيبا فذكر المأكول أولا لأنه هو الغذاء، ثم المشروب لأن به الاستمراء، ثم النار للتي بها الإصلاح وذكر من كل نوع ما هو الأصل، فذكر من المأكول الحب فإنه هو الأصل، ومن المشروب الماء لأنه هو الأصل، وذكر من المصلحات النار لأن بها إصلاح أكثر الأغذية وأعمها، ودخل في كل واحد منها ما هو دونه، هذا هو الترتيب.

وأما التفسير فنقول: الفرق بين الحرث والزرع هو أن الحرث أوائل الزرع ومقدماته من كراب الأرض، وإلقاء البذر، وسقي المبذور، والزرع هو آخر الحرث من خروج النبات واستغلاظه واستوائه على الساق، فقوله: {أفرأيتم ما تحرثون} أي ما تبتدئون منه من الأعمال أأنتم تبلغونها المقصود أم الله؟ ولا يشك أحد في أن إيجاد الحب في السنبلة ليس بفعل الناس، وليس بفعلهم إن كان سوى إلقاء البذر والسقي...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

...فالفاء لتفريع ما بعدها على جملة: {نحن خلقناكم فلولا تصدقون} [الواقعة: 57] كما فرع عليه قوله: {أفرأيتم ما تمنون} [الواقعة: 58] ليكون الغرض من هذه الجمل متحداً وهو الاستدلال على إمكان البعث، فقصد تكرير الاستدلال وتعداده بإعادة جملة {أفرأيتم}...والقول في {أفرأيتم ما تحرثون} نظير قوله: {أفرأيتم ما تمنون} [الواقعة: 58]. و {ما تحرثون} موصول وصلة والعائد محذوف. والحرث: شق الأرض ليزرع فيها أو يغرس. وظاهر قوله: {ما تحرثون} أنه الأرض إلا أن هذا لا يلائم ضمير {تزرعونه} فتعين تأويل {ما تحرثون} بأن يقدر: ما تحرثون له، أي لأجله على طريقة الحذف والإيصال، والذي يحرثون لأجله هو النبات، وقد دل على هذا ضمير النصب في {أأنتم تزرعونه} لأنه استفهام في معنى النفي والذي ينفَى هو ما ينبت من الحب لا بذره.