النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أَفَرَءَيۡتُم مَّا تَحۡرُثُونَ} (63)

{ أَفَرَءَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ } الآية . فأضاف الحرث إليهم والزرع إليه تعالى لأن الحرث فعلهم ويجري على اختيارهم ، والزرع من فعل الله وينبت على اختياره لا على اختيارهم ، وكذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُم زَرَعْتُ وَلَكِن لِيَقُلْ حَرَثْتُ " .

وتتضمن هذه الآية أمرين :

أحدهما : الامتنان عليهم بأن أنبت زرعهم حتى عاشوا به ليشكروه على نعمته عليهم .

الثاني : البرهان الموجب للاعتبار بأنه لما أنبت زرعهم بعد تلاشي بذوره وانتقاله إلى استواء حاله ، [ من العفن والتثريب{[2891]} ] حتى صار زرعاً أخضر ، ثم جعله قوياً مشتداً أضعاف ما كان عليه ، فهو بإعادة من أمات أحق وعليه أقدر ، وفي هذا البرهان مقنع لذوي الفطر السليمة .


[2891]:الزيادة من تفسير القرطبي الذي نقل هذه الفقرة حرفيا عن المؤلف ونسبها إليه.