معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡوَٰرِثُونَ} (10)

قوله تعالى : { أولئك } أهل هذه الصفة ، { هم الوارثون } يرثون منازل أهل النار من الجنة . وروي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار ، فإن مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله وذلك قوله تعالى : { أولئك هم الوارثون } . وقال مجاهد : لكل واحد منزلان ، منزل في الجنة ومنزل في النار ، فأما المؤمن فيبني منزله الذي له في الجنة ويهدم منزله الذي في النار ، وأما الكافر فيهدم منزله الذي في الجنة ويبني منزله الذي في النار . وقال بعضهم : معنى الوراثة هو أنه يؤول أمرهم إلى الجنة وينالونها ، كما يؤول أمر الميراث إلى الوارث .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡوَٰرِثُونَ} (10)

وقوله : أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين هذه صفتهم في الدنيا ، هم الوارثون يوم القيامة منازل أهل النار من الجنة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، رُوي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتأوّله أهل التأويل . ذكر الرواية بذلك :

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلاّ وَلَهُ مَنْزِلانِ : مَنْزِلٌ فِي الجَنّةِ ، ومَنْزِلٌ فِي النّارِ ، وَإنْ ماتَ وَدَخَلَ النّارِ وَرِثَ أهْلُ الجَنّةِ مَنْزِلَهُ » فذلك قوله : أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرّزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، في قوله : أولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدّت لهم لو أطاعوا الله .

حدثني ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الأعمش ، عن أبي هريرة : أولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم الذين أعدّت لهم لو أطاعوا الله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُريَج ، قال : الوارثون الجنة أورثتموها ، والجنة التي نورث من عبادنا ، هن سواء . قال ابن جريج : قال مجاهد : يرث الذي من أهل الجنة أهله وأهل غيره ، ومنزل الذين من أهل النار هم يرثون أهل النار ، فلهم منزلان في الجنة وأهلان . وذلك أنه منزل في الجنة ومنزل في النار ، فأما المؤمن فَيْبِنى منزله الذي في الجنة ويهدم منزله الذي في النار ، وأما الكافر فيهدم منزله الذي في الجنة ويبنى منزله الذي في النار . قال ابن جُرَيج عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، أنه قال مثل ذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡوَٰرِثُونَ} (10)

جيء لهم باسم الإشارة بعد أن أجريت عليهم الصفات المتقدمة ليفيد اسمُ الإشارة أن جدارتهم بما سيذكر بعد اسم الإشارة حصلتْ من اتصافهم بتلك الصفات على نحو قوله تعالى : { أولئك على هدى من ربهم } [ البقرة : 5 ] بعد قوله : { هدًى للمتقين } إلى آخره في سورة البقرة ( 2 ) . والمعنى : أولئك هم الأحقاء بأن يكونوا الوارثين بذلك .

وتوسيط ضمير الفصل لتقوية الخبر عنهم بذلك ، وحذف معمول { الوارثون } ليحصل إبهام وإجمال فيترقب السامع بيانه فبين بقوله : { الذين يرثون الفردوس } قصداً لتفخيم هذه الوراثة ، والإتيان في البيان باسم الموصول الذي شأنه أن يكون معلوماً للسامع بمضمون صلته إشارة إلى أن تعريف { الوارثون } تعريف العهد كأنه قيل : هم أصحاب هذا الوصف المعروفون به .

واستعيرت الوراثة للاستحقاق الثابت لأن الإرث أقوى الأسباب لاستحقاق المال ، قال تعالى : { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } [ الزخرف : 72 ] .