معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا} (125)

قوله تعالى : { قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا } بالعين أو بصيراً بالحجة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا} (125)

وقوله : " قالَ رَبّ لِمَ حَشَرْتَنِي أعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرا " اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . فقال بعضهم في ذلك ، ما :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن نجيح ، عن مجاهد " قالَ رَبّ لِمَ حَشَرْتَنِي أعْمَى " لا حجة لي .

وقوله : " وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرا " اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : معناه : وقد كنت بصيرا بحجتي . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد " وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرا " قال : عالما بحجتي .

وقال آخرون : بل معناه : وقد كنت ذا بصر أبصر به الأشياء . ذكر من قال ذلك

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرا " في الدنيا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " قالَ رَبّ لِمَ حَشَرْتَنِي أعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرا " قال : كان بعيد البصر ، قصير النظر ، أعمى عن الحقّ .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا ، أن الله عزّ وجلّ ثناؤه ، عمّ بالخبر عنه بوصفه نفسه بالبصر ، ولم يخصص منه معنى دون معنى ، فذلك على ما عمه فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الاَية ، قال : ربّ لم حشرتني أعمى عن حجتي ورؤية الأشياء ، وقد كنت في الدنيا ذا بصر بذلك كله .

فإن قال قائل : وكيف قال هذا لربه : لِمَ حَشَرْتَنِي أعْمَى مع معاينته عظيم سلطانه ، أجهل في ذلك الموقف أن يكون لله أن يفعل به ما شاء ، أم ما وجه ذلك ؟ قيل : إن ذلك منه مسألة لربه يعرّفه الجرم الذي استحقّ به ذلك ، إذ كان قد جهله ، وظنّ أن لا جرم له ، استحق ذلك به منه ، فقال : ربّ لأيّ ذنب ولأيّ جرم حشرتني أعمى ، وقد كنت من قبل في الدنيا بصيرا وأنت لا تعاقب أحدا إلا بدون ما يستحق منك من العقاب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا} (125)

ثم أخبر عن حالة أُخرى هي أيضاً في يوم القيامة وهي حشرهم عمياً ، ثم يجيء قوله { ولعذاب الآخرة أشد وأبقى } [ طه : 127 ] معنى هذا الذي ذكرناه من المعيشة والعمى ونحوه هو عذابه في الآخرة وهو { أشد وأبقى } [ طه : 127 ] من كل ما يقع عليه الظن والتخيل ، فكأنه ذكر نوعاً من عذاب الآخرة .

ثم أخبر أن عذاب الآخرة أشد وأبقى . وقرأت فرقة «ونحشره » بالنون ، وقرأت فرقة «ويحشره » بالياء وقرأت فرقة «ويحشرْه » بسكون الراء ، وقرأت فرقة «أعمى » بالإمالة ، وقالت فرقة العمى هنا هو عمى البصيرة عن الحجة .

قال القاضي أبو محمد : ولو كان هذا لم يخش الكافر لأنه كان أعمى البصيرة ويحشر كذلك ، وقالت فرقة العمى عمى البصر ع وهذا هو الأوجه مع أن عمى البصيرة حاصل في الوجهين ، وأما قوله { ونحشر المجرمين يومئذ زرقاً } [ طه : 102 ] فمن رآه في العينين فلا بد أن يتأول فيها مع هذه إما أنها في طائفتين أو في موطنين .