مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا} (125)

أما قوله : { قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى } ففي تقرير هذا الجواب وجهان : أحدهما : أنه تعالى إنما أنزل به هذا العمى جزاء على تركه اتباع الهدى والإعراض عنه . والثاني : هو أن الأرواح البشرية إذا فارقت أبدانها جاهلة ضالة عن الاتصال بالروحانيات بقيت على تلك الحالة بعد المفارقة وعظمت الآلام الروحانية ، فلهذا علل الله تعالى حصول العمى في الآخرة بالإعراض عن الدلائل في الدنيا ، ومن فسر المعيشة الضنك بالضيق في الدنيا ، قال إنه تعالى بين أن من أعرض عن ذكره في الدنيا فله المعيشة الضنك في الدنيا ، والعمى في الآخرة ،