التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ} (138)

ثم انتقلوا بعد ذلك إلى غرور أشد واشنع فقالوا : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } .

أى : هذه : حالنا التى ارتضيناها لحياتنا ، وما نحن بمعذبين على هذه الأعمال التى نعملها .

وهكذا رد قوم هود على نبيهم - عليه السلام - بهذا الرد السيىء الذى يدل على استهتارهم وجفائهم وجمودهم على باطلهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ} (138)

وقولهم : { إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ } : قرأ بعضهم : " إن هذا إلا خَلْق " بفتح الخاء وتسكين اللام .

قال ابن مسعود ، والعوفي عن عبد الله بن عباس ، وعلقمة ، ومجاهد : يعنون ما هذا الذي جئتنا به إلا أخلاق الأولين . كما قال المشركون من قريش : { وقالوا أساطير الأولين [ اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } [ الفرقان : 5 ] ، وقال : { وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين } [ الفرقان : 4 ، 5 ] ، وقال { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ{[21813]} مَاذَا أَنزلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ } ] {[21814]} [ النحل : 24 ] .

وقرأ آخرون : { إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ } - بضم الخاء واللام - يعنون : دينهم وما هم عليه من الأمر هو دين الأوائل من الآباء والأجداد . ونحن تابعون لهم ، سالكون وراءهم ، نعيش كما عاشوا ، ونموت كما ماتوا ، ولا بعث ولا معاد ؛ ولهذا قالوا : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } .

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأوَّلِينَ } يقول : دين الأولين . وقاله عكرمة ، وعطاء الخراساني ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، واختاره ابن جرير{[21815]} .


[21813]:- في ف ، أ : "وقيل للذين كفروا" وهو خطأ.
[21814]:- زيادة من ف ، أ.
[21815]:- تفسير الطبري (19/60).

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا نَحۡنُ بِمُعَذَّبِينَ} (138)

جملة : { وما نحن بمعذبين } على المعاني الأولِ والثاني والثالِث عطف على جملة { إن هذا إلا خلق الأولين } عطف مغاير .

وعلى المعنى الرابع عطفُ تفسير لقولهم { إن هذا إلا خلق الأولين } تصريحاً بعد الكناية . والقصر قصْر إضافي على المعاني كلها .

ولا شك أن قوم هود نطقوا بلغتهم جملاً كثيرة تنحل إلى هذه المعاني فجمعها القرآن في قوله : { إن هذا إلا خلق الأولين } باحتمال اسم الإشارة واختلاف النطق بكلمة خُلق فللَّه إيجازه وإعجازه .