معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا لَمُغۡرَمُونَ} (66)

قوله تعالى : { إنا لمغرمون } قرأ أبو بكر عن عاصم { أئنا } بهمزتين ، وقرأ الآخرون على الخبر ، ومجاز الآية : فظللتم تفكهون وتقولون إنا لمغرمون . وقال مجاهد وعكرمة : لموقع بنا . وقال ابن عباس وقتادة : معذبون ، والغرام العذاب . وقال الضحاك وابن كيسان : غرمنا أموالنا وصار ما أنفقنا غرماً علينا ، والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض ، وهو قوله :{ بل نحن محرومون }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّا لَمُغۡرَمُونَ} (66)

ثم انتقتل السورة الكريمة إلى بيان الدليل الثانى على صحة البعث وإمكانيته . فقال - تعالى - : { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزارعون لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } .

والحرث : شق الأرض من أجل زراعتها ، والمراد به هنا : وضع البذر فيها بعد حرثها .

أى : أخبرونى عن البذور التى تلقون بها فى الأرض بعد حرثها ، أأنتم الذين تنبتونها وتصيرونها زرعا بهيجا نضرا أم نحن الذين نفعل ذلك ؟ لا شك أنا نحن الذين نصير هذه البذور زروعا ونباتا يانعا ، ولو نشاء لجعلنا هذا النبات { حُطَاماً } أى مكسرا مهشما يابسا لا نفع فيه ، فظللتم بسبب ذلك { تَفَكَّهُونَ } أى : فصرتم بسبب ما أصاب زرعكم من هلاك ، تتعجبون مما أصابه ، وتتحسرون على ضياع أموالكم ، وتندمون على الجهد الذى بذلتموه من غير فائدة . . .

وأصل التفكه : التنقل فى الأكل من فاكهة إلى أخرى ، ثم استعير للتنقل من حديث إلى آخر ، وهو هنا ما يكون من أحاديثهم المتنوعة بعد هلاك الزرع .

والمراد بالتفكه هنا : التعجب والندم والتحسر على ما أصابهم .

وقوله - سبحانه - : { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } مقول لقول محذوف . أى : فصرتم بسبب تحطيم زروعكم تتعجبون ، وتقولون على سبيل التحسر : إنا لمهلكون بسبب هلاك أقواتنا ، من الغرام بمعنى الهلاك . أو إنا لمصابون بالغرم والاحتياج والفقر ، بسبب ما أصاب زرعنا . من الغرم وهو ذهاب المال بلا مقابل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّا لَمُغۡرَمُونَ} (66)

ثم فسر ذلك بقوله : { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ . بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } . أي : لو جعلناه حطاما لظَلْتُم تفكهون في المقالة ، تنوعون كلامكم ، فتقولون تارة : { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } أي : لَمُلْقَون .

وقال مجاهد ، وعكرمة : إنا لمولع بنا ، وقال قتادة : معذبون . وتارة تقولون : بل نحن محرومون .

وقال مجاهد أيضا : { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } ملقون للشر ، أي : بل نحن مُحَارَفون ، قاله قتادة ، أي : لا يثبت لنا مال ، ولا ينتج لنا ربح .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّا لَمُغۡرَمُونَ} (66)

وجعلوا جملة { إنا لمغرمون } تندماً وتحسراً ، أي تعلمون أن حطم زرعِكُم حرمانٌ من الله جزاء لكفركم ، ومعنى { مغرمون } من الغرام وهو الهلاك كما في قوله تعالى : { إن عَذابها كان غراماً } [ الفرقان : 65 ] . وهذا شبيه بما في سورة القلم من قوله تعالى : { فلما رأوها قالوا إنا لضالّون إلى قوله : إنا كنا طاغين } [ القلم : 26 31 ] .

فتحصل أن معنى الآية يجوز أن يكون جارياً على ظاهر مادة فعل { تفكهون } ويكون ذلك تهكماً بهم حملاً لهم على معتاد أخلاقهم من الهزْل بآيات الله ، وقرينة التهكم ما بعده من قوله عنهم { إنا لمغرمون بل نحن محرومون } .

ويجوز أن يكون محمل الآية على جعل { تفكهون } بمعنى تندمون وتحزنون ، ولذلك كان لفعل { تفكهون } هنا وقع يعوضه غيره .

وجملة { إنا لمغرمون } مقول قول محذوف هو حال من ضمير { تفكهون } .

وقرأ الجمهور { إنا لمغرمون } بهمزة واحدة وهي همزة ( إنّ ) ، وقرأه أبو بكر عن عاصم { أإنا } بهمزيتن همزة استفهام وهمزة ( إنِ ) .