اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّا لَمُغۡرَمُونَ} (66)

قوله : «إنا لمُغرمون » .

قرأ أبو بكر{[55004]} : «أئِنَّا » بالاستفهام ، وهو على أصله في تحقيق الهمزتين ، وعدم إدخال ألف بينهما .

والباقون : بهمزة واحدة على الخبر .

وقيل : هذه الجملة قول مقدر على كلتا القراءتين ، وذلك في محل نصب على الحال ، تقديره : فظلتم تفكهون قائلين ، أو تقولون : إنا لمغرمون ؛ أي : لمُلزمُون غرامة ما أنفقنا ، أو مُهلكُونَ لهلاك رزقنا من الغرام وهو الهلاك{[55005]} . قاله الزمخشري{[55006]} .

ومن مجيء الغرام بمعنى الهلاك قوله : [ الخفيف ]

إنْ يُعَذِّبْ يَكُنْ غَرَاماً وإن يُعْ *** طِ جَزيلاً فإنَّهُ لا يُبَالِي{[55007]}

قال ابن عبَّاس وقتادة : الغرام : العذاب{[55008]} .

ومنه قول ابن المُحلَّم : [ الطويل ]

وثِقْتُ بأنَّ الحِلْمَ منِّي سَجيَّةٌ *** وأنَّ فُؤادِي مُبْتَلٌ بك مُغْرمُ{[55009]}

وقال مجاهد وعكرمة : لمولع بنا{[55010]} .

يقال : أغرم فلان بفلانة أي أولع بها ، ومنه الغرام ، وهو الشر اللازم .

وقال مجاهد أيضاً : لملقون شرًّا{[55011]} .

وقال النحاس : «لمُغْرمُون » مأخوذون من الغرام ، وهو الهلاك .

وقال الضحاك وابن كيسان : هو من الغرم{[55012]} .

و«المُغْرَم » : الذي ذهب ماله بغير عوضٍ ، أي : غرمنا الحبَّ الذي بذرناه .

وقال مرة الهمداني : مُحَاسَبُون .


[55004]:وقرأ بها الأعمش كما في المحرر الوجيز 5/249، والمفضل وزر بن حبيش كما في القرطبي 17/142، وينظر: البحر المحيط 8/211، والدر المصون 6/264، والسبعة 624، والحجة 6/262، وإتحاف 2/517.
[55005]:ينظر: الدر المصون 6/264.
[55006]:الكشاف 4/466.
[55007]:تقدم.
[55008]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (11/654) عن قتادة.
[55009]:يروى الحفظ مكان الحلم. ينظر السراج المنير 4/193، والقرطبي 17/142.
[55010]:ينظر المصدر السابق.
[55011]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (11/654) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/230) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.
[55012]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/288).