معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَا لَا يَبۡغُونَ عَنۡهَا حِوَلٗا} (108)

قوله تعالى : { خالدين فيها لا يبغون } لا يطلبون { عنها حولاً } ، أي تحولاً إلى غيرها . قال ابن عباس : لا يريدون أن يتحولوا عنها كما ينتقل الرجل من دار إلى دار إذا لم توافقه إلى دار أخرى .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَا لَا يَبۡغُونَ عَنۡهَا حِوَلٗا} (108)

{ خالدين فيها } خلودا أبديا ، حالة كونهم { لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } أى : لا يطلبون تحولا أو انتقالا منها إلى مكان آخر ، لكونها أطيب المنازل وأعلاها .

وفى قوله - تعالى - : { لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } لفتة دقيقة عميقة للإِجابة على ما يعترى النفس البشرية من حب للانتقال والتحول من مكان إلى مكان ، ومن حال إلى حال .

فكأنه - سبحانه - يقول : إن ما جبلت عليه النفوس فى الدنيا من حب للتحول والتنقل . قد زال وانتهى بحلولها فى الآخرة فى الجنة ، فالنفس الإِنسانية عندما تستقر فى الجنة - ولا سيما جنة الفردوس - لا تريد تحولا أو انتقالا عنها ، لأنها المكان الذى لا تشتاق النفوس إلى سواه ، لأنها تجد فيه ما تشتهيه وما تبتغيه ، نسأل الله - تعالى - أن يرزقنا جميعا جنات الفردوس .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَا لَا يَبۡغُونَ عَنۡهَا حِوَلٗا} (108)

وقوله : { خَالِدِينَ فِيهَا } أي : مقيمين ساكنين{[18581]} فيها ، لا يظعنون عنها أبدًا ، { لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا } أي : لا يختارون{[18582]} غيرها ، ولا يحبون سواها ، كما قال الشاعر{[18583]} :

فَحَّلْت سُوَيدا القَلْب لا أنَا بَاغيًا *** سواها ولا عَنْ حُبّها أتَحوّلُ

وفي قوله : { لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا } تنبيه على رغبتهم فيها ، وحبهم لها ، مع أنه قد يتوهم{[18584]} فيمن هو مقيم في المكان دائمًا أنه يسأمه أو يمله ، فأخبر أنهم مع هذا الدوام والخلود السرمدي ، لا يختارون عن مقامهم ذلك متحولا ولا انتقالا ولا ظعنًا{[18585]} ولا رحلة{[18586]} ولا بدلا{[18587]}


[18581]:في ف، أ: "ماكثين".
[18582]:في ت: "لا تختارون".
[18583]:هو النابغة الجعدي، والبيت في مغني اللبيب (ص265) أ. هـ مستفادا من حاشية ط - الشعب.
[18584]:في أ: "أنه قد توهم".
[18585]:في ت: "ضعفا".
[18586]:في أ: "رحيله".
[18587]:في ت، ف، أ: "بديلا".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَا لَا يَبۡغُونَ عَنۡهَا حِوَلٗا} (108)

وقوله : خالِدِينَ يقول : لابثين فيها أبدا لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً يقول : لا يريدون عنها تحوّلاً ، وهو مصدر تحوّلت ، أخرج إلى أصله ، كما يقال : صغُر يصغُر صِغَرا ، وعاج يعوج عِوَجا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً قال : متحوّلاً .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، بنحوه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : سمعت مخلد بن الحسين يقول : وسئل عنها ، قال : سمعت بعض أصحاب أنس يقول : قال : «يقول أوّلهم دخولاً إنما أدخلني الله أوّلهم ، لأنه ليس أحد أفضل مني ، ويقول آخرهم دخولاً : إنما أخرني الله ، لأنه ليس أحد أعطاه الله مثل الذي أعطاني » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَا لَا يَبۡغُونَ عَنۡهَا حِوَلٗا} (108)

{ خالدين فيها } حال مقدرة . { لا يبغون عنها حِولاً } تحولا إذ لا يجدون أطيب منها حتى تنازعهم إليه أنفسهم ، ويجوز أن يراد به تأكيد الخلود .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{خَٰلِدِينَ فِيهَا لَا يَبۡغُونَ عَنۡهَا حِوَلٗا} (108)

قوله : { لا يبغون عنها حولاً } أي ليس بعدما حوته تلك الجنات من ضروب اللّذات والتمتع ما تتطلع النفوس إليه فتود مفارقة ما هي فيه إلى ما هو خير منه ، أي هم يجدون فيها كل ما يخامر أنفسهم من المشتهى .

والحِوَل : مصدر بوزن العِوج والصِغر . وحرف العلة يصحح في هذه الصيغة لكن الغالب فيما كان على هذه الزنة مصدرا التصحيحُ مثل : الحِول ، وفيما كان منها جمعاً الإعلال نحو : الحِيل جمع حِيلة . وهو من ذوات الواو مشتق من التحول .