معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَبُسَّتِ ٱلۡجِبَالُ بَسّٗا} (5)

قوله تعالى : { وبست الجبال بساً } قال عطاء ومقاتل ومجاهد : فتت فتاً فصارت كالدقيق المبسوس وهو المبلول . قال سعيد بن المسيب والسدي : كسرت كسراً . وقال الكلبي : سيرت على وجه الأرض تسييراً . قال الحسن : قلعت من أصلها فذهبت ، نظيرها : { فقل ينسفها ربي نسفاً }( طه- 105 ) ، قال ابن كيسان جعلت كثيباً مهيلاً بعد أن كانت شامخة طويلة .

   
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَبُسَّتِ ٱلۡجِبَالُ بَسّٗا} (5)

- ثم إذا الجبال الصلبة الراسية تتحول - تحت وقع الواقعة - إلى فتات يتطاير كالهباء . . ( وبست الجبال بسا . فكانت هباء منبثا ) . . فما أهول هذا الهول الذي يرج الأرض رجا ، ويبس الجبال بسا ، ويتركها هباء منبثا . وما أجهل الذين يتعرضون له وهم مكذبون بالآخرة ، مشركون بالله ، وهذا أثره في الأرض والجبال !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَبُسَّتِ ٱلۡجِبَالُ بَسّٗا} (5)

وبست الجبال بسا أي فتتت حتى صارت كالسويق الملتوت من بس السويق إذا لته أو سيقت وسيرت من بس الغنم إذا ساقها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَبُسَّتِ ٱلۡجِبَالُ بَسّٗا} (5)

واختلف اللغويون في معنى : { بست } فقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة معناه : فتتت ، كما تبس البسيسة وهي السويق ، ويقال بسست الدقيق إذا ثريته بالماء وبقي مفتتاً ، وأنشد الطبري في هذا : [ الرجز ]

لا تخبزا خبزاً وبسّا بسّا . . . {[10876]}

وقال هذا قول لص أعجله الخوف عن العجين ، فقال لصاحبه هذا .

وقال بعض اللغويين : { بست } معناه سيرت قالوا والخبز سير الشديد وضرب الأرض بالأيدي ، والبس : السير الرفيق ، وأنشد البيت : [ الرجز ]

لا تخبزا خبزاً وبسّا بسّا . . . وجنباها نهشلاً وعبسا

ولا تطيلا بمناخ حبسا . . . ذكر هذا أبو عثمان اللغوي في كتابه في الأفعال .


[10876]:هذا الرجز من شواهد أبي عبيدة في "مجاز القرآن"، وهو في "المخصص" و"الطبري" و"القرطبي" و"الصحاح" و"اللسان" و"التاج"، واستشهد به أيضا الفراء في "معاني القرآن"، وقد اختلفت الروايات في البيت الثاني فهو في الطبري ومعاني القرآن: (ملسا بذود الحلسي ملسا)، وفي اللسان:(ولا تطيلا بمناخ حبسا)، وفي المخصص:(ملسا بذود الحدسي ملسا)، وهكذا تعددت واختلفت روايته، ويقولون: إن الرجز قاله لص من غطفان وأراد أن يخبز، فخاف أن يُعجل عن الخبز فأكله عجينا وقال:(لا تخبزا خبزا وبُسّا بَسّاً)، ويظهر أن المعنى الثاني الذي ذكره ابن عطية للخبز والبس هو الأقرب، ويؤيد ذلك ان "الملس" ضرب من السير الرقيق، والذود: الثلاثة إلى العشرة من الإبل، فكأن ما سرقه اللصان كان إبلا، وأن الحَلَسي هو صاحبها، وهو يقول لهما: لا تسيرا بالإبل المسروقة سيرا شديدا سريعا، بل سيرا بها في رفق ولين، وقد زاد في المخصص بعد هذين البيتين بيتين آخرين، وذكرهما أيضا أبو زيد في "النوادر"، وهما: من غدوة حتى كأن الشمسا بالأفق الغربي تُطلى ورسا ومعنى " تطلى ورسا" أنها مالت للغروب وأصابتها صفرته.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَبُسَّتِ ٱلۡجِبَالُ بَسّٗا} (5)

والبَسُّ يطلق بمعنى التفتت وهو تفرّق الأجزاء المجموعة ، ومنه البسيسة من أسماء السويق أي فتِّتَتْ الجبال ونسفت فيكون كقوله تعالى : { ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً فيذَرها قاعاً صفصفاً } [ طه : 105 ، 106 ] .

ويطلق البسّ أيضاً على السّوق للماشية ، يقال : بَسّ الغنم ، إذا ساقها . وفي الحديث : « فيأتي قوم يَبِسُّون بأموالهم وأهليهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون » فهو في معنى قوله تعالى : { ويوم نسيّر الجبال } [ الكهف : 47 ] ، وقوله : { وسيرت الجبال } [ النبأ : 20 ] وتأكيده بقوله : { بساً } كالتأكيد في قوله : { رجاً } لإِفادة التعظيم بالتنوين .