{ قَالَ رَبِّ لِمَ حشرتني أعمى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } .
وقوله - سبحانه - فى آية أخرى : { وَمَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القيامة على وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً } وقيل : المراد بالعمى : هنا أنه لا حجة له يدافع بها عن نفسه ، وقيل : المراد به : العمى عن كل شىء سوى جهنم .
والذى يبدو لنا أن الرأى الأول أقرب إلى الحق ، لأنه هو الظاهر من الآية الكريمة ، ولا قرينة تمنع من إرادة هذا الظاهر .
ويجمع بين هذه الآية وما يشبهها وبين الآيات الأخرى التى تدل على أن الكفار يبصرو ويسمعون ويتكلمون يوم القيامة ، والتى منها قوله - تعالى - : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا . . } أقول : يجمع بين هذه الآية وما يشبهها ، وبين الآيات الأخرى بوجوه منها : أن عماهم وصممهم فى أول حشرهم ، ثم يرد الله - تعالى - عليهم بعد ذلك أبصارهم وسمعهم ، فيرون النار ، ويسمعون ما يحزنهم .
قال الجمل : قوله : { أعمى } حال من الهاء فى نحشره ، والمراد عمى البصر وذلك فى المحشر ، فإذا دخل النار زال عنه عماه ليرى محله وحاله ، فهو أعمى فى حال وبصير فى حال أخرى .
ومنها : تنزيل سمعهم وبصرهم وكلامهم منزلة العدم لعدم انتفاعهم بذلك فقد قال - تعالى - فى شأن المنافقين : { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ } بتنزيل سماعهم وكلامهم وإبصارهم منزلة العدم ، حيث إنهم لم ينتفعوا بهذه الحواس .
وقوله - سبحانه - : { قَالَ رَبِّ لِمَ حشرتني أعمى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً } استئناف مسوق لبيان ما يقوله ذلك المعرض عن طاعة الله يوم القيامة .
أى : قال ذلك الكافر الذى حشره الله - تعالى - يوم القيامة أعمى : يا رب لماذا حشرتنى على هذه الحال مع أنى كنت فى الدنيا بصيرا ؟
وهنا يأتيه الجواب الذى يخرسه ، والذى حكاه الله - تعالى - فى قوله : { قَالَ كذلك أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.