معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا يَسۡتَطِيعُونَ لَهُمۡ نَصۡرٗا وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ} (192)

قوله تعالى : { ولا يستطيعون لهم نصراً } الأصنام ، أي لا تنصر من أطاعها .

قوله تعالى : { ولا أنفسهم ينصرون } ، قال الحسن : لا يدفعون عن أنفسهم مكروه من أراد بهم ، بكسر أو نحوه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَسۡتَطِيعُونَ لَهُمۡ نَصۡرٗا وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ} (192)

ثم قال - تعالى - : { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلاَ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } أى : أن هذه الأصنام فضلا عن كونها مخلوقة ، فإنها لا تستطيع أن تجلب لعابديها نصرا على أعدائهم ، بل إنها لا تستطيع أن تدفع عن نفسها شراً ، ومن هذه صفته كيف يعبد من دون الله ؟ قال - تعالى - { إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ اجتمعوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذباب شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطالب والمطلوب }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا يَسۡتَطِيعُونَ لَهُمۡ نَصۡرٗا وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ} (192)

172

ولما كان الحديث عن قصة الانحراف في النفس - ذلك المتمثل في قصة الزوجين - هو حديث كل شرك ! والمقصود به هو تنبيه أولئك الذين كانوا يخاطبون بهذا القرآن أول مرة ، إلى سخف ما هم عليه من الشرك ، واتخاذ تلك الآلهة التي لا تخلق شيئاً بل هي تخلق ، ولا تنصر عبادها بل لا تملك لأنفسها نصرا ، سواء أكانت من البشر أم من غيرهم ، فهي كلها لا تخلق ولا تنصر - لما كان هذا هو اتجاه السياق القرآني ، فإنه ينتقل من القصة ومن أسلوب الحكاية في الفقرة السابقة ، إلى مواجهة مشركي العرب وإلى أسلوب الخطاب انتقالاً مباشراً ، كأنه امتداد للحديث السابق عليه عن تلك الآلهة !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا يَسۡتَطِيعُونَ لَهُمۡ نَصۡرٗا وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ} (192)

191

ثم قال تعالى : { وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا } أي : لعابديهم { وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } يعني : ولا لأنفسهم ينصرون ممن أرادهم بسوء ، كما كان الخليل ، عليه الصلاة والسلام ، يكسر أصنام قومه ويهينُها غاية الإهانة ، كما أخبر تعالى عنه في قوله : { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ } [ الصافات : 93 ] وقال تعالى : { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } [ الأنبياء : 58 ] وكما كان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن جبل ، رضي الله عنهما - وكانا شابين قد أسلما لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة - فكانا يعدوان في الليل على أصنام المشركين يكسرانها ويتلفانها ويتخذانها حطبا للأرامل ، ليعتبر قومهما بذلك ، ويرتئوا لأنفسهم ، فكان لعمرو بن الجموح - وكان سيدًا في قومه - كان له صنم يعبده ويطيبه ، فكانا يجيئان في الليل فينكسانه على رأسه ، ويلطخانه بالعَذِرة ، فيجيء عمرو بن الجموح فيرى ما صنع به فيغسله ويطيبه ويضع عنده سيفا ، ويقول له : " انتصر " . [ ثم ]{[12529]} يعودان لمثل ذلك ، ويعود إلى صنيعه أيضا ، حتى أخذاه مرة فقرنا معه جرو كلب ميت ، ودلَّياه في حبل في بئر هناك ، فلما جاء عمرو بن الجموح ورأى ذلك ، نظر فعلم أن ما كان عليه من الدين باطل ، وقال :

تَالله لو كُنتَ إِلَها مُسْتَدن *** لم تَكُ والكَلْبُ جَمِيعًا في قَرنْ{[12530]}

ثم أسلم فَحسُن إسلامه ، وقتل يوم أحد شهيدًا ، رضي الله عنه وأرضاه ، وجعل جنة الفردوس مأواه .


[12529]:زيادة من د، م، أ.
[12530]:انظر: الرجز في السيرة النبوية لابن هشام (1/354).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا يَسۡتَطِيعُونَ لَهُمۡ نَصۡرٗا وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ} (192)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلاَ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } . .

يقول تعالى ذكره : أيشرك هؤلاء المشركون في عبادة الله ما لا يخلق شيئا من خلق الله ، ولا يستطيع أن ينصرهم إن أراد الله بهم سوءا أو أحلّ بهم عقوبة ، ولا هو قادر إن أراد به سوءا نصر نفسه ولا دفع ضرّ عنها ، وإنما العابد يعبد ما يعبده لاجتلاب نفع منه أو لدفع ضرّ منه عن نفسه ، وآلهتهم التي يعبدونها ويشركونها في عبادة الله لا تنفعهم ولا تضرّهم ، بل لا تجتلب إلى نفسها نفعا ولا تدفع عنها ضرّا ، فهي من نفع غير أنفسها أو دفع الضرّ عنها أبعد . يعجّب تبارك وتعالى خلقه من عظيم خطإ هؤلاء الذين يشركون في عبادتهم الله غيره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا يَسۡتَطِيعُونَ لَهُمۡ نَصۡرٗا وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ} (192)

قوله تعالى : { ولا يستطيعون } الآية ، هذه تخرج على تأويل من قال :«إن المراد آدم وحواء والشمس » على ما تقدم ، ولكن بقلق وتعسف من المتأول في المعنى ، وإنما تتسق هذه الآيات ويروق نظمها ويتناصر معناها على التأويل الآخر ، والمعنى ولا ينصرون أنفسهم من أمر الله وإرادته ، ومن لا يدفع عن نفسه فأحرى أن لا يدفع عن غيره .