معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (5)

{ وأذنت لربها وحقت } واختلفوا في جواب إذا ، قيل : جوابه محذوف ، تقديره : إذا كانت هذه الأشياء يرى الإنسان الثواب والعقاب . وقيل جوابه : { يا أيها الإنسان إنك كادح } ومجازه : إذا انشقت لقي كل كادح ما عمله . وقيل : جوابه : { وأذنت } وحينئذ تكون الواو زائدة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (5)

وقوله : { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } تأكيد لقدرته - ونفاذ أمره . أى : واستمعت الأرض كما استمعت السماء لأمر ربها ، وحق لها أن تستمع وأن تنقاد لحكمه - تعالى - لأنها خاضعة خضوعا تاما ، لقضائه وأمره .

إذا حدث كل ذلك . . قامت الساعة ، ووجد كل إنسان جزاءه عند ربه - سبحانه - .

قال صاحب الكشاف : حذف جواب " إذا " ليذهب المقدر كل مذهب ، أو اكتفاء بما علم فى مثلها من سورتى التكوير والانفطار . وقيل : جوابها ما دل عليه قوله : { فَمُلاَقِيهِ } أى : إذا السماء انشقت لاقى الإِنسان كدحه .

وقوله : { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } أذن له : استمع له . . والمعنى : أنها فعلت فى انقيادها لله - تعالى - حين أراد انشقاقها ، فعل المطواع الذى إذا ورد عليه الأمر من جهة المطاع أنصت له وأذعن ، ولم يأب ولم يمتنع ، كقوله - تعالى - { أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } " وحقت " هو من قولك : هو محقوق بكذا وحقيق به ، يعنى : وهى حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع . .

وقال الجمل فى حاشيته : وقوله { وَحُقَّتْ } الفاعل فى الأصل هو الله - تعالى - أى : حقَّ وأوجب الله عليها سمعه وطاعته . . فعلم ذلك أن الفاعل محذوف ، وأن المفعول هو سمعها وطاعتها له - تعالى - .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (5)

وقوله : وَأذِنَتْ لِرَبّها وَحُقّتْ يقول : وسمعت الأرضُ في لقائها ما في بطنها من الموتى إلى ظهرها أحياء ، أمرَ ربها وأطاعت وحُقّتْ يقول : وحقّقها الله للاستماع لأمره في ذلك ، والانتهاء إلى طاعته .

واختلف أهل العربية في موقع جواب قوله : إذَا السّماءُ انْشَقّتْ ، وقوله : وَإذَا الأرْضُ مُدّتْ ، فقال بعض نحويّي البصرة : إذَا السّماءُ انْشَقّتْ على معنى قوله : يا أيّها الإنْسانُ إنّكَ كادِحٌ إلى رَبّكَ كَدْحا فَمُلاقِيهِ إذا السماء انشقت ، على التقديم والتأخير .

وقال بعض نَحويّي الكوفة : قال بعض المفسرين : جواب إذَا السّماءُ انْشّقّتْ قوله : وَأذِنَتْ قال : ونرى أنه رأي ارتآه المفسر ، وشبّهه بقول الله تعالى : حتى إذَا جاءُوها وَفُتِحَتْ أبْوَابُها لأنا لم نسمع جوابا بالواو في إذا مبتدأة ، ولا كلام قبلها ، ولا في إذا ، إذا ابتدئت قال : وإنما تجيب العرب بالواو في قوله : حتى إذا كان ، وفلما أن كان ، لم يجاوزوا ذلك قال : والجواب في إذَا السّماءُ انْشَقّتْ وفي إذَا الأرْضُ مُدّتْ كالمتروك ، لأن المعنى معروف قد تردّد في القرآن معناه ، فعُرِف ، وإن شئت كان جوابه : يا أيها الإنسان ، كقول القائل : إذا كان كذا وكذا ، فيا أيها الناس تَرَون ما عملتم من خير أو شرّ ، تجعل يا أيها الإنسان هو الجواب ، وتضمر فيه الفاء ، وقد فسّر جواب إذَا السّماءُ انْشَقّتْ فيما يلقَى الإنسان من ثواب وعقاب ، فكأن المعنى : ترى الثواب والعقاب إذا السماء انشقّت .

والصواب من القول في ذلك عندنا : أن جوابه محذوف ، ترك استغناء بمعرفة المخاطبين به بمعناه . ومعنى الكلام : إذا السماء انشقت رأى الإنسان ما قدّم من خير أو شرّ ، وقد بين ذلك قوله : يا أيّها الإنْسانُ إنّكَ كادِحٌ إلى رَبّكَ كَدْحا فَمُلاقِيهِ والاَياتُ بعدها .