نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَأَذِنَتۡ لِرَبِّهَا وَحُقَّتۡ} (5)

ولما كان هذا ربما أوهم أنه بغير أمره سبحانه-{[72327]} وتعالى قال : { وأذنت لربها } أي فعلت ذلك بإذن{[72328]} الخالق لها-{[72329]} والمربي وتأثرت في ذلك عن تأثيره لا بنفسها ، وفعلت فيه كله فعل السميع المجيب { وحقت * } أي وكانت حقيقة بذلك كما أن كل مربوب كذلك وتكرير " إذا " للتنبيه على ما في كل من الجملتين من عظيم القدرة ، والجواب محذوف -{[72330]} لأنه في غاية الانكشاف بما دل عليه المقام مع ما تقدم من المطففين وما قبلها من السور وما يأتي في هذه السورة تقديره : ليحاسبن كل أحد على كدحه كله فليثوبنّ الكفار ما كانوا يفعلون وليجازين أهل الإسلام بما كانوا يعملون .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لما تقدم في الانفطار التعريف بالحفظة وإحصائهم على العباد في كتبهم ، وعاد الكلام إلى ذكر ما يكتب على البر والفاجر واستقرار ذلك في قوله تعالى :

{ إن كتاب الأبرار لفي عليّين }[ المطففين : 18 ] وقوله :

{ إن كتاب الفجار لفي سجين }[ المطففين : 7 ] أتبع ذلك بذكر التعريف بأخذ هذه الكتب في القيامة عند العرض ، وأن أخذها بالأيمان عنوان السعادة ، وأخذها وراء الظهر عنوان الشقاء إذ قد تقدم في السورتين قبل ذكر{[72331]} الكتب واستقرارها بحسب اختلاف مضمناتها فمنها {[72332]}ما هو{[72333]} في عليين ومنها {[72334]}ما هو{[72335]} في سجين إلى يوم العرض ، فيؤتى{[72336]} كل كتابه فآخذ{[72337]} بيمينه وهو عنوان سعادته ، وآخذ من-{[72338]} وراء ظهره وهو عنوان هلاكه ، فتحصّل{[72339]} الإخبار بهذه الكتب ابتداء واستقراراً وتفريقاً يوم العرض ، وافتتحت السورة بذكر انشقاق السماء ومد الأرض وإلقائها ما فيها وتخليها تعريفاً بهذا اليوم العظيم بما يتذكر به{[72340]} من سبقت سعادته والمناسبة بينة - انتهى .


[72327]:زيد من ظ و م.
[72328]:من ظ و م، وفي الأصل: فعل.
[72329]:زيد من ظ و م.
[72330]:زيد من ظ و م.
[72331]:من ظ و م، وفي الأصل: ذلك.
[72332]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72333]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[72334]:سقط ما بين الرقمين من م.
[72335]:سقط ما بين الرقمين من م.
[72336]:من م، وفي الأصل و ظ: فيأتي.
[72337]:من م، وفي الأصل و ظ: فأخذه.
[72338]:زيد من ظ و م.
[72339]:من ظ و م، وفي الأصل: فتحصيل.
[72340]:من ظ و م، وفي الأصل: فيه.