نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَهُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَمَشَارِبُۚ أَفَلَا يَشۡكُرُونَ} (73)

ولما أشار إلى عظمة نفع الركوب والأكل بتقديم الجار ، وكانت منافعها من غير ذلك كثيرة ، قال : { ولهم فيها منافع } أي بالأصواف والأوبار والأشعار والجلود والبيع وغير ذلك ، وخص المشرب من عموم المنافع لعموم نفعه ، فقال جامعاً له لاختلاف طعوم ألبان الأنواع الثلاثة ، وكأنه عبر بمنتهى الجموع لاختلاف طعوم أفراد النوع الواحد لمن تأمل { ومشارب } أي من الألبان ، أخرجناها مميزة عن الفرث والدم خالصة لذيذة ، وكل ذلك لا سبب له إلا أن كلمتنا حقت به ، فلم يكن بد من كونه على وفق ما أردنا ، فليحذر من هو أضعف حالاً منها من حقوق أمرنا ومضي حكمنا بما يسوءه .

ولما كانت هذه الأشياء من العظمة بمكان ، لو فقده الإنسان لتكدرت معيشته ، سبب عن ذلك استئناف الإنكار عليهم في تخلفهم عن طاعته بقوله : { أفلا يشكرون * } أي يوقعون الشكر ، وهو تعظيم المنعم لما أنعم وهو استفهام بمعنى الأمر .