ولما كان التقدير : أليس الذي قدر على ذلك بقادر على ما يريد من إحياء العظام وغيرها ، عطف عليه ما هو أعظم شأناً منه تقريراً على الأدنى بالأعلى فقال : { أوليس الذي خلق } أي أوجد من العدم وقدر { السماوات والأرض } أي على كبرهما وعظمتهما وعظيم ما فيهما من المنافع والمصانع والعجائب والبدائع ، وأثبت الجار تحقيقاً للأمر وتأكيداً للتقرير فقال : { بقادر } أي بثابت له قدرة لا يساويها قدرة ، ومعنى قراءة رويس عن يعقوب بتحتانية مفتوحة وإسكان القاف من غير ألف ورفع الراء أنه يجدد تعليق القدرة على سبيل الاستمرار { على أن يخلق } ولفت الكلام إلى الغيبة إيذاناً بأنهم صاروا بهذا الجدل أهلاً لغاية الغضب فقال : { مثلهم } أي مثل هؤلاء الأناسي أي يعيدهم بأعيانهم كما تقول : مثلك كذا أي أنت ، وعبر به إفهاماً لتحقيرهم وأن إحياء العظام الميتة أكثر ما يكون خلقاً جديداً ، بل ينقص عن الاختراع بأن له مادة موجودة ، وعبر بضمير الجمع لأنه أدل على القدرة ، قال الرازي : والقدرة عبارة عن المعنى الذي به يوجد الشيء مقدراً بتقدير الإرادة والعلم واقعاً على وفقهما وإن كانت صفات الله تعالى أعلى من أن يطمحها نظر عقل ، وتلحقها العبارات اللغوية ، ولكن غاية القدرة البشرية واللغة العربية هذا .
ولما كان الجواب بعد ما مضى من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة الاعتراف ، قال سبحانه مقرراً لما بعد النفي إشارة إلى أنه تجب المبادرة إليه ، ولا يجوز التوقف فيه ومن توقف فهو معاند : { بلى } أي هو قادر على ذلك { وهو } مع ذلك أي كونه عالماً بالخلق { الخلاق } البالغ في هذه الصفة مطلقاً في تكثير الخلق وتكريره بالنسبة إلى كل شيء ما لا تحيط به الأوهام ، ولا تدركه العقول والأفهام ، ولم ينازع أحد في العلم بالجزئيات بعد كونها ، كما نازعوا في القدرة على إيجاد بعض الجزئيات ، فاكتفى فيه بصيغة فعيل فقيل : { العليم * } أي البالغ في العلم الذي هو منشأ القدرة ، فلا يخفى عليه كلي ولا جزئي في ماضٍ ولا حال ولا مستقبل شاهد أو غائب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.