تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (56)

يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بإقام الصلاة ، وهي عبادة الله وحده لا شريك له ، وإيتاء الزكاة ، وهي : الإحسان إلى المخلوقين ضعفائهم وفقرائهم ، وأن يكونوا في ذلك مطيعين للرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، أي : سالكين وراءه فيما به أمرهم ، وتاركين{[21342]} ما عنه زجرهم ، لعل الله يرحمهم بذلك . ولا شك أن من فعل ذلك أن الله سيرحمهم ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : { أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ } [ التوبة : 71 ] .


[21342]:- في ف : "وترك".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (56)

عطف على جملة : { يعبدونني لا يشركون بي شيئاً } [ النور : 55 ] لما فيها من معنى الأمر بترك الشرك ، فكأنه قيل : اعبدوني ولا تشركوا وأقيموا الصلاة ، لأن الخبر إذا كان يتضمن معنى الأمر كان في قوة فعل الأمر حتى أنه قد يجزم جوابه كما في قوله تعالى : { تؤمنون بالله ورسوله } إلى قوله : { يغفرْ لكم ذنوبكم } [ الصفّ : 11 12 ] بجزم { يغفرْ } لأن قوله : { تؤمنون } في قوة أن يقول : آمنوا بالله .

والخطاب موجه للذين آمنوا خاصة بعد أن كان موجهاً لأمة الدعوة على حد قوله تعالى : { يوسفُ أعرِضْ عن هذا واستغفري لذنبك } [ يوسف : 29 ] ، فالطاعة المأمور بها هنا غير الطاعة التي في قوله : { قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا } [ النور : 54 ] الخ لأن تلك دعوة للمعرضين وهذه ازدياد للمؤمنين .

وقد جمعت هذه الآية جميع الأعمال الصالحات فأهمها بالتصريح وسائرها بعموم حذف المتعلق بقوله : { وأطيعوا الرسول } أي في كل ما يأمركم وينهاكم .

ورتب على ذلك رجاء حصول الرحمة لهم ، أي في الدنيا بتحقيق الوعد الذي من رحمته الأمن وفي الآخرة بالدرجات العلى . والكلام على ( لعل ) تقدم في غير موضع في سورة البقرة .